ما يزال وضع اللاّجئين السوريين بالجزائر مصدر قلق للسلطات الجزائرية بعد رفضهم الالتحاق بالمخيّمات التي أعدّتها لإيوائهم باستثناء عشرات العائلات التي استقرّت بمخيّم سيدي فرج، حيث ما يزال المئات منهم يفترشون الأرض بساحة (بور سعيد) ويعتمدون تسوّل مساعدات المحسنين وسيلة للاسترزاق رغم توعّد وزارة الداخلية والجماعات المحلّية بعدم السّماح لهم بالتمركز في الأماكن العمومية. لم تتمكّن وزارة الداخلية والجماعات المحلّية من طيّ صفحة اللاّجئين السوريين الذين دخلوا الجزائر هروبا من الدمار والخراب الذي تعرفه الشام والبالغ عددهم 12 ألف رعية موزّعين عبر كافّة ولايات الوطن، خاصّة المتواجدين منهم بالعاصمة بسبب تعنّت 420 لاجئ ورفضهم التوجّه إلى هياكل الاستقبال التي خصّصت لهم بعدما اتّخذت السلطات جميع التدابير لضمان إقامة مريحة لهم، وهو الأمر الذي استنكره ممثّل اللاّجئين السوريين في مركز الاستقبال لسيدي فرج فهد الحموي، حيث أعرب عن غضبه من اختيار أبناء وطنه المبيت في الشارع والتسوّل لجمع بعض الدنانير عوض صون كرامتهم وكرامة الشعب السوري، مؤكّدا أن عدد السوريين الذين توجّهوا إلى المخيّم يعدّون على الأصابع، حيث لا يتجاوز عددهم 18 رعية رغم أنه يتوفّر على جميع متطلّبات العيش الكريم. ولم يخف فهد الحموي أن المخيّم لا يوازي فندقا بخمس نجوم لكنه على الأقل يوفّر لهم شروط الرّاحة والاستجمام، كما أنه يقيهم حرارة الشمس في عزّ شهر الصيام، قائلا: (لدينا كلّ شيء في هذا المركز ولا ينقصنا أيّ شيء إلى درجة أننا لا نحسّ بأننا في بلد أجنبي)، موضّحا أنه تمّ توفير أفرشة وبطانيات ومنشفات، وكذا الصابون لضمان الرفاهية للعائلات السورية، كما أنه أصبح بإمكانها تحضير وجبات الإفطار بنفسها بعدما عمد الساهرون على المخيّم إلى توزيع المواد الغذائية عليها لتفادي اختلاف العادات بين الشعبين خلال الشهر الكريم، خاصّة وأن لكلّ شعب أطباقه الخاصّة في رمضان، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يجعل السوريين يشعرون بأنهم متواجدون في بلدهم الأمّ وليسوا ضيوفا. وفيما يخص المواطنين السوريين الذين رفضوا الذهاب إلى سيدي فرج فقد انتقد فهد تصرّفهم (المهين) الذي يشوّه صورة كلّ السوريين، حيث تحدّث عن حادثة وقعت له بسوق الجرف بباب الزوّار أين صادف تواجده هناك امرأة سورية طلبت منه المال معتقدة أنه جزائري فاقترح عليها اللّجوء إلى مركز سيدي فرج فرفضت، ما جعله يصرخ في وجهها حتى يبيّن للمواطنين أن هناك أقلّية تحاول تلطيخ سمعة السوريين عن طريق التسوّل. وعن رحلته إلى الجزائر أكّد ممثّل اللاّجئين أنه بحكم عمله في التجارة حيث كان يملك ورشة لتصنيع طاولات التلفزيون ومعتاد على التعامل مع الجزائريين في هذا المجال وسبق له وأن زار الجزائر، وبمجرّد أن بدأت الأحداث تحتدم اختار الجزائر وكلّفته الرّحلة 300 ألف دينار لنقل زوجته وأولاده الأربعة، وقد مكث في بادئ الأمر في فنادق صغيرة ب 3500 دينار لليلة الواحدة قبل أن تتدخّل السلطات الجزائرية وتوفّر لهم مراكز الاستقبال. من جهته، مدير مركز الاستقبال لسيدي فرج حميد غولي أكّد أنه عمل على ضمان أحسن الظروف للسوريين حتى لا يحسّوا بأنهم غرباء في الجزائر، حيث تمّ وضع كافّة الوسائل تحت تصرّفهم، مشيرا إلى أنه تمّ إعداد مع ممثّلي العائلات السورية قائمة للمواد الغذائية التي تحتاج إليها العائلات السورية لتحضير وجبة الإفطار كونها غير متوعّدة على الطبخ الجزائري. وقد تمّ وضع المواد الغذائية في إحدى الشاليهات، لا سيّما الماء والعصير والأرز لتوزيعها على العائلات السورية كلّما احتاجت إليها. كما يعمل الساهرون على المخيّم على تنظيم نزهات للعائلات المقيمة بالمخيّم بعد تناول وجبة الإفطار حتى تتعرّف قليلا على المكان وتمكّنها من الترويح عن نفسها، (كما نقود السوريين الرّاغبين في أداء صلاة التراويح إلى المساجد). إجراءات ضد الرّافضين التوجّه إلى مراكز الاستقبال من جهة أخرى، باشرت السلطات اتّخاذ جملة من الإجراءات ضد الرعايا السوريين الذين رفضوا التوجّه إلى المراكز الاستقبال، حيث تمّ منعم من طرف عناصر الشرطة من التجمّع في الساحات العمومية، كما تمّ توقيف العديد منهم ومراقبة تاريخ دخولهم إلى الجزائر الموجود على جواز سفرهم. فنظريا، هم لا يملكون حقّ المكوث هنا أكثر من 90 يوما، كما تمّ الحدّ من الرّحلات الجوية نحو دمشق، إلى جانب اشتراط على الرّاغبين في الدخول إلى التراب الجزائري شراء تذكرة ذهاب وإيّاب، هذا في الوقت الذي لا تزال فيه جمعيات المجتمع المدني تقدّم لهم المساعدات الإنسانية في الشوارع بعدما رفضوا التوجّه إلى مراكز الاستقبال أو طلب اللّجوء السياسي خوفا من أن يحسبوا على المعارضة فيما يزعم البعض الآخر أنهم يخافون من عملاء النّظام أن يؤذوهم إذا تجمّعوا في مكان واحد، كما زعموا أن هناك أشخاصا وصلوا إلى الجزائر تعرّضوا للقتل من طرف النّظام، وهي المزاعم التي لم تؤكّدها أو تنفيها السلطات الأمنية.