توفي أمس التقني المصري والمستشار الفنّي للاتحاد الأردني لكرة القدم محمود الجوهري عن عمر يناهز 74 سنة إثر تعرّضه لجلطة دماغية الجمعة الماضي أدخلته في غيبوبة، حيث خضع لفحوص طبّية على أيدي أمهر الأطبّاء الأردنيين الذين أكّدوا حسب الفحوص أنه كان في وضعية صحّية حرجة. أمضى المدرّب المصري الأسطورة محمود الجوهري الذي يعدّ من مواليد 20 فيفري 1938، مسيرة قصيرة كلاعب مع الأهلي بين 1955 و1964 انتهت بعد سلسلة من الإصابات في الرّكبة، حيث كان هدّافا للنّسخة الأولى لكأس الأمم الإفريقية في 1959 برصيد ثلاثة أهداف عندما أحرزت مصر اللّقب، كما شارك في ألعاب روما الأولمبية 1960. انطلاقة الجوهري مع عالم التدريب بدأ المرحوم الجوهري مشواره في مجال التدريب مع فرق النّاشئين في الأهلي، ثمّ عمل كمدرّب مساعد في النّادي الذي نشأ بين صفوفه في سبعينيات القرن الماضي مع معلّمه عبده صالح الوحش قبل أن يعود لقيادة فريق تحت 21 عاما الذي كان يضمّ نواة التشكيلة التي هيمنت على الألقاب المحلّية في وقت لاحق. سافر الجوهري إلى جدّة في 1977 ليعمل كمدرّب مساعد في الاتحاد قبل أن يعود إلى القاهرة لقيادة نادي طفولته الأهلي في منتصف عام 1982، حيث قاد الأهلي إلى إنجاز لا ينسى في أوّل عام له مع الفريق عندما ساعده على إحراز لقب كأس إفريقيا في 1982. وفاز الأهلي تحت قيادة الجوهري بكأس مصر في 1983 و1984، لكن الفريق خسر لقب الدوري الممتاز في هذين العامين لصالح المقاولين العرب والزمالك على الترتيب. وعاد الجوهري لتدريب الأهلي لفترة ثانية في جوان 1985 عقب مسيرة قصيرة مع الشارقة الإماراتي وقاده إلى الفوز بكأس إفريقيا لأندية أبطال الكأس، لكن أزمة شهيرة مع إدارة النّادي قبل انطلاق موسم 1985-1986 ألقت بظلالها على علاقته بالنّادي ليرحل لتدريب الأهلي السعودي في شهر جويلية 1986، بعدها عيّن في شهر سبتمبر من سنة 1988 مدرّبا لمنتخب مصر وساعده على التأهّل إلى نهائيات كأس العالم 1990 للمرّة الأولى في 56 عاما، ورغم عروض قوية في النّهائيات التي أقيمت في إيطاليا، من بينها التعادل (1-1) مع هولندا بطلة أوروبا آنذاك ، إلاّ أن هزيمة ثقيلة في مباراة ودّية ضد اليونان في أكتوبر أدّت إلى إقالته. ضغوطات إعلامية أعادته لتدريب "الفراعنة" بعد أقل من عام، وبالحديد في سبتمبر 1991 عيّن الجوهري مجدّدا على رأس العارضة الفنّية للمنتخب المصري عقب ضغوط إعلامية وجماهيرية وقاد (الفراعنة) إلى إحراز كأس العرب في 1992، وهو ما عوّض الخروج المخيّب للفريق من الدور الأوّل في كأس الأمم الإفريقية في بداية العام، لكنه استقال في جويلية 1993 بعد فشله في التأهّل إلى كأس العالم 1994. الجوهري مدرّبا لنادي الزمالك في شهر أكتوبر 1993وافق المرحوم الجوهري على العرض الذي وصله من إدارة نادي الزمالك المنافس التقليدي لنادي طفولته الأهلي في وقت كان فيه انتقال اللاّعبين أو المدرّبين بين الغريمين الكبيرين أمرا غير مألوف، حيث ترك بصمة فورية بعد مساهمته الفعّالة في النتائج الإيجابية التي حقّقها نادي الزمالك بتتويجه بلقب كأس إفريقيا وكأس (السوبر) الإفريقية على حساب الغريم الأهلي المصري، إلاّ أنه فضّل الانسحاب من على رأس العارضة الفنّية لنادي الزمالك عقب خسارة لقب البطولة الممتازة لصالح الأهلي مفضّلا الإشراف على تدريب الوحدة الإماراتي ثمّ منتخب عمّان قبل عودته إلى مصر ليقود (الفراعنة) للمرّة الثالثة في شهر مارس من سنة 1997، حيث لم ينجح في إعادة المنتخب المصري إلى طريق المنافسة، وأنهت هزيمة شهيرة أمام ليبيريا نيسان آمال مصر عمليا في التأهّل. أوّل متوّج باللّقب القارّي كلاعب ومدرّب ساهم التقني المرحوم محمود الجوهري بقسط كبير في تتويج المنتخب المصري بلقب كأس الأمم الإفريقية 1998 لأوّل مرّة في 12 عاما، ليصبح أوّل من يفوز باللّقب القارّي كلاعب ومدرّب، لكنه فضّل مرّة أخرى تقديم استقالته بعد الخسارة المذلّة التي تكبّدها المنتخب المصري أمام المنتخب السعودي بنتيجة خمسة أهداف لهدف واحد برسم منافسة كأس القارّات في شهر جويلية 1999، لكنه عاد لفترة رابعة في مارس 2000 بعد الخروج من الدور الأوّل في كأس الأمم الإفريقية تحت قيادة المدرّب الفرنسي جيرار جيلي، حيث فشل في قيادة مصر مرّة أخرى إلى كأس العالم 2002 بخروجه من دور الثمانية في كأس الأمم الإفريقية، وكان في ذلك العام فصل النهاية في مشواره الطويل مع المنتخب المصري. الجوهري مدرّبا للمنتخب الأردني انتقل الجوهري بعد ذلك إلى الأردن ليقوده إلى دور الثمانية في كأس آسيا 2004 في ظهوره الأوّل على الإطلاق في البطولة القارّية، حيث واصل مهامه مع الأردن حتى 2007 وعاد إلى مصر ليعمل لفترة قصيرة مستشارا للاتحاد المصري لكرة القدم، لكنه ترك منصبه سريعا عقب خلافات مع أعضاء مجلس الإدارة مفضّلا العودة إلى الأردن بتولّيه منصب مستشارا للاتحاد الأردني إلى غاية وفاته نهار أمس. وقد أطلقت وسائل الإعلام والمشجّعين على الجوهري لقب (الأب الرّوحي) لنادي طفولته الأهلي، والذي كان لاعبا بارزا في النّصف الأوّل من القرن الماضي، ويحمل استاد النّادي في وسط القاهرة اسمه على أساس أنه تحصّل بعد تحوّله للتدريب على لقب (الجنرال) بعد أن درس العلوم العسكرية وعمل في القوات المسلّحة حتى ترك الخدمة في 1976 وهو يحمل رتبة عميد.