سنتحدث في الجزء الثاني من الحوار المطول الذي خصنا به المدرب السابق للمنتخب الوطني عبد الرحمن مهداي عن حكايات مع شهر رمضان، حيث سيروي لنا عن اول يوم صامه، ومن خلاله سنتعرف سويا لماذا أصر مهداوي على صيام ذلك اليوم رغم ان سنه لم يكن يتجاوز السادسة؟ وقبل ان نتعرف على كل هذا ، كان متداوي قد قال لنا في ختام الجزء الأول، ان هناك عادات كثيرة قد زالت من المجتمع الجزائري خلال هذا الشهر لتفضيل، ومرد ذلك حسب مهداوي دائما الحالة الاجتماعية الصعبة للكثير من العائلات الجزائرية، الأمر الذي يجعلها منطوية على نفسها، كما ان ظهور القنوات التلفزيونية، كان له نصيب كبير في هذا التغيير، إلى درجة ان هناك من العائلات حسب متداوي باتت لا تتبادل أطراف الحديث خلال السهرات، كون الجميع مشرئب نحو " صندوق العجب" في متابعة الفيلم الفلاني أو البرنامج الفلاني، الأمر الذي زاد من اتساع الهوة بين أفراد الأسرة الواحدة ومابالكم مع أفراد الجيران، الأمر الذي جعلنا نوقف متداوي عند كلامه هذا ونطرح عليه السؤال التالي. ما "ابقات" بنة في رمضان؟ مادام الجميع يلتزم بيته، أكيد مابقات بنة رمضان، فالمتجول لأحياء العاصمة يرى ذلك بآم عينيه. حدثنا عن شهر رمضان أيام طفولتك؟ حين تعود بي ذاكرتي إلى تلك سنوات الشباب ولا نقول الصبا، تجدني اتحسر عن هذا التغيير الذي وقع في النمط المعيشي للآسر الجزائرية، أتذكر جيدا، ان الجميع كان لا يبخل بزيارة اهله وجيرانه، وتقام سهرات كل ليلة في بيت، وتقام الأفراح وتطبخ أحسن المأكولات، كما كنا نجتمع فور انتهاء الإفطار ونتجه جماعات إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، وبعدها نواصل سهراتنا أحيانا إلى توقيت السحور، البعض في النوادي والبعض في أماكن التي كانت تخصص لهذا الغرض والبعض الآخر يفضل السهر على الطرب الشعبي. وقبل الافطار؟ كنت ذهب تقريبا يوميا إلى مدينة بوفاريك من اجل شراء " الزلابية" كون زلابية بوفاريك كانت مشهورة وطنيا، كما كنت اقصد القرى الواقعة خارج العاصمة من اجل الخبز المطلوع. وماذا يذكرك شهر رمضان كذلك؟ يذكرني بوالدي رحمه الله وبأحد أشقائي الذي افتقدته وهو في عز شبابه، وفي الكثير من الأحباب والأصدقاء الذين غادرونا إلى الآبد، فكلما يحل علي هذا الشهر رمضان أجد فراغا كبيرا بفقدانهما، فمن الصعب علي إيجاد من يعوض هذا الفراغ وبالمناسبة ادعوا للجميع حتى الذي لم تتح لي الفرصة لذكر أسمائهم بالرحمة والمغفرة وان يكونوا ضمن اهل الجنة يارب. كما أتذكر بعض الزملاء الذين يعيشون حالات صحية متردية، وبمناسبة شهر رمضان اطلب من الله ان يشفيهم وان يطيل في اعمارهم، واعتذر لكل من لم أزره، لكنني أعدهم بزيارتهم خلال هذا الشهر لتفضيل. هل تتذكر اول يوم صمت؟ نعم أتذكر جيدا، ولن انساه طالما أنا على قيد الحياة، فأول يوم صمته كان عمري ست سنوات. على تعيد حكاية لنا ذلك اليوم؟ مما أتذكره أنني طالبت من والدتي ووالدي الصوم وأنا في سن السادسة من العمر، لكنهما لم يوافقا على ذلك، خشية منهما ان أتعرض إلى مكروه، لكن إصراري على الصيام جعل والدتي ووالدي يرضخان لطلبي وهو ان أصوم ولو يوم واحد. فرغم صغر سني فكان يوم عادي، وتمكنت من إكمال ذلك اليوم بكل ارتياح فلم احس لا بالجوع ولا بالعطش، وكنت انتظر لحظة الإفطار بفارغ الصبر. لتاكل ام ماذا؟ ليمنح لي والدي رحمه اله ما وعدني به من أموال، اذا أكملت اليوم صائما، فقد حفزني والدي بما وعدني به، فأتذكر ما ان نادى المؤذن لصلاة المغرب والإفطار حتى طالبت من والدي ان يمنحني ماوعدني به من مال، ورحت اعد تلك الدنانير ، قبل ان أتناول الفطور الذي أعدته لي والدتي خصيصا لي عن اول يوم أصومه. ماذا أعدت لك والدتك من فطور؟ أعدت لي " الشربات"، حيث افطرت على هذا المشروب ولازلت أتذكر مذاقه إلى حد اللحظة، فكم كان لذيذ. وماذا كذلك؟ بعد صلاة التراويح أقام والديا على شرفي حفل، حيث لبست أحسن الثياب اقتناه والدي رحمه اله خصيصا ليوم صيامي الأول في حياتي، وحضر الحفل الكثير من الجيران، كانت ليلة رائعة فعلا، اشبه بيوم ختاني. هل زالت تلك العادات التي كانت تقيمها الأمهات والآباء على شرف أبنائهم بعد صيامهم الأول لشهر رمضان في وقتنا الحاضر؟ لم تزول بل تقلصت. لنترك أيام الصبا جانبا، ونطلب منك جوابا صريحا، هل آنت من المداومين على أداء صلاة التراويح؟ أكيد، أنا من بين المحافظين والمداومين على صلاة التراويح، فهي من الشعائر الدينية المحببة عند الله عز وجل خلال شهر رمضان، فالوسيلة الوحيدة التي تجعل الإنسان قريب من الله هي الصلاة، ومما بالكم بصلاة التراويح، وكما سبق وان قلت لق ان شهر رمضان فرصة قد لا تعوض على المسلم لتقرب إلى الله، وهذا التقرب لا يمكن ان يكون إلا بأداء صلاة التراويح، لذا انصح الجميع بأدائها بخشوع وان يكثر كل إنسان من أداء فعل الخير. ماهي آكلتك المفضلة خلال هذا الشهر؟ كجميع الجزائريين أفضل أكلة "الشربة" و" الحريرة، فيوم افطر أتناول "الشربة" ويوم أتناول " الحريرة". وماذا كذلك؟ كما يعلم الجميع ان أحسن طريقة للإفطار هي تناول بضع حبات من التمر وكوب حليب، على طريقة الرسول الكريم، وان لا نكثر من الآكل كثيرا. هل عبد الرحمن متداوي من هواة السهر خلال أيام شهر رمضان؟ أحيانا. هل تتم هاته السهرات في البيت ام خارجه؟ أفضل السهر بالبيت رفقة إفراد عائلتي، لكن ان اسهر خارج البيت فهذا نادرا. هل تقبل دعوة صديق أو من احد الأقارب للإفطار معه؟ أفضل الإفطار في البيت، وكثيرا ما رفضت دعوات من أصدقاء أو من أقارب. لماذا؟ لذة رمضان الإفطار مع إفراد العائلة، والا لما كنت اليوم بدون فريق، الم اقل لق في بداية جلستنا هاته ان من بين الأسباب التي جعلتني ارفض العمل التدريبي هو شهر رمضان، فقد قررت ان اقضي هذا الشهر رفقة أبناء عائلتي، لاحس فعلا ببنة رمضان. يفهم من كلامك انك جد متشوق لقضاء هذا الشهر رفقة إفراد عائلتك؟ ربما أكثر مما تتصور، وكما تلاحظ ان وجودي في بيتي بسقي الزهور والأشجار لا أظن ان هناك مكان أحسن من هذا المكان، كما ان الجلوس على مائدة الإفطار رفقة جميع إفراد العائلة لا يمكن ان تقدرها بثمن. ماذا بعد رمضان؟ اذا كتب ربي قد انتقل إلى الجماهيرية الليبية لعمل هناك، كون إدارة أهلي طرابلس طلبت خدماتي، كما ان هناك أكثر من فريق في الجزائر عرض علي خدماته، وكما سبق وان قلت لق، فضلت الاستراحة خلال هذا الشهر.