اختُتمت فعاليات مؤتمر (الإسلاميون: فلسطين ونظام الحكم بعد الثّورات العربية) الذي أُقيم في قرية السّاحة التّراثية في بيروت، بتضافر جهود ثلاثة مراكز أبحاث: مؤسّسة الفكر الإسلامي المعاصر للدّراسات والبحوث، مركز دراسات فلسطين والعالم، ومركز الزّيتونة للدّراسات والاستشارات. وكانت أعمال المؤتمر قد شهدت مشاركة عدد كبير من مفكري وقيادات الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، وبمشاركة واسعة من المهتمين في لبنان. اُفتتح المؤتمرُ، حسب موقع اتحاد علماء المسلمين، بكلمة باسم المؤسسات المنظمة، ثم تلتها كلمة الافتتاح التي قدَّمها عضو مجلس الأمناء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والأمين العام للمؤتمر القومي الإسلامي الأستاذ منير شفيق ودعا فيها إلى تبني نظام اقتصادي يتأسس على مبادئ الاقتصاد الإنتاجي والتعاوني والجماعي، وعلى مبادئ العدالة الاجتماعية وضرورة تدخل الدولة. وقد اعتبر أنه لو تمكنت الأطراف الإسلامية من تجاوز أزمة الفتنة الطائفية، لأُسقِط كل تشاؤم في قراءة الواقع المستقبلي. كما دعا الفلسطينيين إلى القيام بانتفاضة ثالثة موجهة ضد الاحتلال. وكانت كلمة للمسؤول الإعلامي في (الجماعة الاسلامية) وائل نجم أشار فيها إلى قواعد أربع أساسية وضعتها الحركة الاسلامية للعيش المشترك تتمثل أبرزها باحترام الآخر والاعتراف به، بالإضافة إلى الأخلاق والعدالة. أما الجلسة الثانية برئاسة حسن جابر فعالجت المحور الاقتصادي والاجتماعي، وتحدث فيها مدير المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله الذي اعتبر أنَّ موضوع التنمية في العالم العربي لا بد أن يكون خياراً سياسياً، مشيراً إلى أن النموذج الأمثل في التنمية هو الذي يعطي الأفراد حقوقهم على قاعدة عقد اجتماعي تأسيسي. وقال فضل الله إن الدول العربية يجب أن تبنى على أساس التضامن الإقليمي والشراكة في المصالح والمنافع، بالإضافة إلى التبادل الثقافي والمعرفي. وترأس الجلسة الثالثة، المتمحورة حول القضية الفلسطينية، مسؤول العلاقات السياسية في (حماس) أسامة حمدان الذي أكّد أن القضية الفلسطينية كانت وما تزال المحور الرئيسي في كل الثورات، وأنَّ الصِّراع مع العدو الإسرائيلي هو صراع وجود لا صراع حدود. وألقى المتحدث باسم (الإخوان المسلمين) في مصر محمود غزلان كلمة له اعتبر فيها أن (الإخوان المسلمين) في مصر لم يستحوذوا على الحكم، بل نجحوا في الوصول إلى الرئاسة. كما أكد أنَّ فلسطين هي في عقيدة (الاخوان)، وأن تحريرها يكون بتكامل المسؤوليتين العربية والفلسطينية، ثمَّ أشار إلى أنَّ الرئيس محمد مرسي يعمل على ترميم العلاقات الدولية والإقليمية، معرباً عن رفض (الإخوان) للاتفاقية التي عقدها الرئيس المصري الأسبق أنور السَّادات، وعن سعي الجماعة لتقويمها، مؤكّداً أنَّ مواجهة الأعداء في الخارج لا تتحقق إلا بتأمين القوة الداخلية. بعد ذلك، تحدث مسؤول (الجهاد الإسلامي) في لبنان أبو عماد الرفاعي عن ضرورة المزاوجة بين العمل على قضيتي التنمية وتحرير فلسطين، وعلى تحقيق كرامة الشعوب في وجه استقواء العدو الخارجي. كما كانت كلمة لرئيس الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع في تونس أحمد كحلاوي، الذي اعتبر أن مستقبل أي أمة مرهون بفلسطين وحرية فلسطين. وفي الجلسة الرابعة، التي تتمحور حول الثورات والعلاقات الخارجية، والتي ترأسها أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية طلال عتريسي، تحدث المساعد السابق لوزير خارجية مصر السفير عبد الله الأشعل مستعرضا لمحة سريعة عن نظام حكم الرئيس مبارك وسيئاته ومدى تواطئه مع العدو، مؤكداً أن مصر دخلت في مرحلة جديدة، وقال إنَّ علاقة مصر مع إيران ستكون درعاً واقياً وسنداً هاماً للخليج. ثمَّ انعقدت الجلسة الخامسة عن محور التعددية والحريات، وترأسها المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الجنوب بسام حمود، وكانت البداية مع كلمة الكاتب والمفكر محمّد محفوظ، تطرق فيها إلى موضوع حقوق الإنسان والحريات في الإسلام، معتبراً أن انفتاح السلطات السياسية على التيارات الإسلامية سيساهم في استقرار الحياة السياسية والاجتماعية وتهذيب نزعات التيارات الإسلامية، كما أكّد ان المطلوب بناء دولة مدنية محايدة اتجاه عقائد مواطنيها. وكان للكاتب والصحافي السعودي نوّاف القديمي كلمة اعتبر فيها أن الثورات العربية أربكت مساحة الأفكار والتنظيرات الفكرية والفلسفية والشرعية، وهو أمر سينقل الفكر الإسلامي من مرحلة التعامل بفقه الضرورات والاستضعاف، إلى فقه الحرية والتمكين. وتحدّث السَّيد جعفر فضل الله، وشدّد على أن اللقاءات حول موضوع الوحدة يجب أن تُعنى بالتفاعل الحركي الذي يرتكز على الإسلام، وأنه لا بدّ من اعتبار موضوع الوحدة أسلوب عيش ومنهج حياة، لا قضية ترف فكري أو موضوعاً ثقافياً تجريدياً.