ما لاحظه الجميع عبر الطرقات واستحسنوه هو غياب الموسيقى الصاخبة المنطلِقة من راديوهات السيارات بحيث حلت محلها في هذه الأيام من الشهر الكريم أشرطة القرآن الكريم، وعرفت جل الطرقات والشوارع هدوءاً تاما وتخلصت من تلك الموسيقى التي أزعجت الأذان، بحيث ارتأى الجميع تعويضها بأشرطة القرآن والأدعية تماشياً ومتطلبات الشهر المبارك الذي لا يتوافق البتة مع الموسيقى الصاخبة، وهو الأمر الذي تجاوب معه الكل كونهم كلوا من تلك الكلمات المتدنية المرفقة بالموسيقى العالية لاسيما وان منها حتى من تم تسجيلها بالملاهي الليلية ولا يخفى للجميع ما هو جاري بها ذلك ما تعكسه كلمات الأغاني. لطالما اشتكى الكثير من تلك الموسيقى المنطلقة من راديوهات السيارات في الأيام العادية أو وقت الإفطار بحيث طالت تلك الظاهرة المشينة كبريات شوارع العاصمة ولم تسلم منها حتى الأحياء، وكانت تلك الظاهرة في الكثير من الأحيان سببا في نشوب العراكات والنزاعات بين الأشخاص بعد أن يطلق البعض منهم العنان لتصرفاتهم غير اللائقة في حين يرفضها الآخرون رفضا قاطعا ويرون فيها خدش لحيائهم وحرمتهم، وما تجاوب له الجميع هو غياب تلك الظاهرة خلال الأسبوع الأول من الشهر الفضيل وحلت محلها أشرطة القرآن الكريم. ذلك ما سُجّل عبر جل المقاطعات العاصمية فما إن تعبر بمحاذاتها إلا ويلحق أذناك صوت المرتل وهو يرتل القرآن بطريقة يقشعر لها بدن المرء، واجمع الكل عن الكف عن تلك الأشرطة واستبدالها بأشرطة القران، وحتى الشبان كانوا من بين تلك الفئات التي تخلصت من الأشرطة الغنائية خلال شهر رمضان المبارك كونها لا تتوافق مع الشهر الكريم الذي يدعو إلى التحلي بمكارم الأخلاق والتوبة والمغفرة. وقد امتلأت أزقتنا وشوارعنا بتلك السيارات التي تنطلق منها تراتيل القرآن الكريم واستحسن الكل ذلك السلوك وتجاوبوا معها ورأوا انه أفضل بكثير مما كان شائعا بشوارعنا قبل رمضان. فريد وجدناه بداخل سيارته وكان ينطلق منها ترتيل القرآن الكريم بصوت عالي ملأ أرجاء ذلك الزقاق، سألناه عن سر اتجاهه إلى سماع تلك الأشرطة فقال أن روحانية الشهر الكريم تتطلب منه ذلك وقال انه يبتعد عن الأشرطة الغنائية حتى في غير رمضان ويلتزم بسماع القنوات الإذاعية من اجل الوقوف على المستجدات في كل المجالات، وهو يفضل ذلك عن تثبيت الأشرطة بصوت عالي لما ينجر عن ذلك من سلبيات، وهو بذلك يتفادى إزعاج الغير على مستوى الطرقات التي هي ملك للجميع ويحفظ حرمة العائلات فهو يرى أن من فعل ذلك فعليه إثم كبير لاسيما بعد إطلاق موسيقى بعض الأغاني الفاحشة التي تلحق مسامع العابرين ومن أراد ذلك فليحتفظ بسماعها لنفسه، ولا يجبر الآخرين على ذلك- يضيف - ولحسن الحظ أن الظاهرة تضاءلت في هذه الفترة تزامناً مع شهر رمضان المعظم مقارنة بما كانت عليه من قبل، إلا أنها سوف تعود حتماً بعد انقضائه. بالفعل ذلك ما شهدته أزقتُنا وطرقاتنا وصارت السمة الغالبة عليها بحيث ما يفتىء المرء أثناء عبوره الطريق إلا ويصطدم بتلك السيارات العابرة بسرعة البرق والتي يراها البعض أنها ديجيهات أو ملاهي متنقلة تعبر عن الشخصية غير السوية للمتطوها وتهورهم الزائد، وهناك من يقوم بذلك من باب التباهي وجلب الأنظار وربما حتى معاكسة الفتيات ولفت انتباههن عن طريق انتهاج ذلك السلوك. وسعُد الجميع بغياب تلك الظاهرة عن الطرقات في رمضان واستبدالها بما هو أحسن منها بكثير- القران الكريم - وتمنوا لو يستمر الأمر على تلك الوتيرة حتى بعد رمضان.