أحكم التجار قبضتهم على المواطنين الذين كانوا يتبضعون من الأسواق الموازية بسبب بخس أثمانها، إلا أن قرار إلغائها أعاد المواطنون عن كره إلى المحلات خاصة وأن من أصحابها من يهدفون إلى الربح السهل والسريع عن طريق الزيادة في الأسعار خاصة مع انعدام الرقابة مما أدى بأغلب التجار إلى عدم إشهار الأسعار وخالفوا بذلك أحكام القانون التجاري أو راحوا إلى إشهار أسعار كمية قليلة من السلع ليفرضوا الثمن الذي يحلو لهم على الزبائن بالنسبة للسلع الأخرى، ومنهم حتى من ألغى السلوك تماما على مستوى رفوف محله وظهرت سلعه خالية من الأثمان. على الرغم من أنه سلوك يعاقب عليه القانون إلا أن أغلب التجار راحوا إلى مخالفته مما يؤكد أن في الأمر غاية معينة، فإشهار السلع يخدم الزبون من جميع النواحي، بحيث يحوم حول السلع ويجلب تلك التي توافق قدرته الشرائية بدل تعرضه إلى الحرج أثناء دفع الثمن، لكن الواقع يعكس غياب ذلك السلوك عن أغلب محلاتنا ومتاجرنا الكبرى وهي وإن لحقت ببعض السلع في رفوف (السوبيرات) فإنها تغيب عن سلع أخرى مما يجعل المواطن حائرا ويفرض عليه ذلك السؤال والبحث والتحري عن السعر. وبذلك فالظاهرة هي غير حضارية البتة ومن واجب أصحاب المحلات إشهار أسعارهم لعدم إثقال كاهل الزبون بالسؤال أو إزعاجه وتعرضه إلى الحرج أثناء الدفع، فتلك السلوكات على الرغم من استسهالها واستصغارها إلا أنها تلعب دورا مهما في المعاملات التجارية، وفي تسهيل المهمة على الزبون الذي يذهب إلى التبضع وتمكنه من رؤية الأسعار فيجلب السلع التي توافق قدرته وجيبه إن كانت ملحقة بقصاصات تبين السعر. إلا أنها وللأسف تغيب مما يؤدي إلى فرض أسعار خيالية على الزبون من طرف صاحب المحل لأن عدم إشهار الثمن يمكنه من التلاعب بالسعر كيفما شاء والمسك بالزبون مسكة موجعة، ولعل أن إشهار الأسعار سيسهل على الزبون المهمة وكذا على أعوان الرقابة أثناء تأدية مهامهم ورقابة الأسعار، لكن البعض يجد نشوته في التهرب من الواجبات لحاجة في نفس يعقوب وهي الزيادة في السعر وفرض مبالغ خيالية على الزبائن. ولرصد آرائهم اقتربنا من بعضهم فأبانوا انزعاجهم الكبير من عدم إشهار أسعار السلع برفوف المحلات مما يؤدي إلى رعبهم من الفواتير التي تُفرض عليهم أثناء الدفع، منهم إحدى السيدات التي التقيناها بمحل تجاري سوبيرات بالمدنية، بحيث رأت أن الكثير من المحلات تذهب إلى إخفاء الأسعار وعدم إشهارها مهما اختلفت نوعية السلع وهذا في رأيها لا يخدم الزبائن كون أن الزبون من حقه معرفة السعر قبل وضع يده على السلعة لتكون وفق قدرته المادية، إلا أن غياب قصاصات الأسعار عبر الكثير من المحلات حتى تلك المحلات الكبرى جعل الزبون يتوه ويحتار وأحيانا حتى السؤال عن السلعة ينزعج إليه بعض البائعين، فهم لا يعلقون قصاصات الأسعار ولا يعجبهم السؤال عن السعر لكي يبقى السعر بيدهم يتلاعبون به مثلما يريدون، لتضيف أنه وبعد القضاء على الأسواق الفوضوية سيحكم كل البائعين قبضتهم على الزبائن.