تتوافد الأسر باختلاف مستوياتها الاجتماعية على الأسواق والمحلات التجارية بكثرة، وقد وجد الكثير من التجار في هذه المناسبة الفرصة لممارسة حيلهم التي تستهدف رضا الزبون واستدراجه نحو الشراء. وأبرز ما شد انتباهنا لدى ترددنا على أكبر المراكز التجارية والأسواق الشعبية بالعاصمة، لافتات التخفيضات التي كانت تزين واجهات المحلات والتخفيضات الضخمة على أسعار بعض السلع. في استطلاع أجرته ''الخبر'' بالمجمعات التجارية وأسواق العاصمة، تأسف المواطنون لتعدد الحيل التي بات التجار يستعملونها، اليوم، لجلب الزبون، حيث يضطرون للاقتناء بعد دخول المحل رغم ضعف قدراتهم الشرائية، بعد اختيارهم لسلع يعتقدون أن أسعارها هي نفس الأسعار المعلقة في لافتات ''الصولد'' على واجهة المحل. وقد اهتدى التجار لهذه الطريقة من أجل إرباك المستهلك وإيهامه بوجود تخفيضات جديرة بالاهتمام، في حين لا تشمل السلع المخفضة أسعارها، إلا نوعا واحدا من الملابس أو الأحذية أو ماركة معينة من السلع الغذائية. بائعو المواد الغذائية وعبارة ''ماكانش الصرف'' وطالت تلاعبات تجار الخضر والفواكه والمواد الغذائية أيضا، حيث يقوم بعض التجار بتحديد أسعار غير دقيقة للمواد الغذائية، ويجبرون المشتري على دفع أموال إضافية بحجة عدم وجود الفكة. وقد أثارت عبارة ''ماكانش الصرف''، استهجان الكثير من المواطنين الذين أكدوا أنها باتت ذريعة لإجبارهم على اقتناء كميات إضافية من السلع. الدخول ليس كالخروج وقد ينطبق المثل الشهير ''دخول الحمام ليس كالخروج منه'' على حالة المواطنين في فترات المواسم والمناسبات، حيث أبدى البعض ممن التقتهم ''الخبر'' استياءهم البالغ من الحيل التي يلجأ إليها التجار، لاستدراجهم إلى محلاتهم ليفاجأوا بأكذوبة اسمها ''الصولد''، حيث يقوم صاحب المحل بعرض أجود سلعه في الواجهة ويضع لافتات تخبر بوجود تخفيضات هامة، ليفاجأ المواطن بعد دخول المحل بوجود نوع واحد فقط أو نوعين من السلع المخفضة والتي لا تكون نوعيتها في المستوى غالبا. وأكد أمين، 29 سنة، أن التجار أصبحوا يضعون في واجهة المحل أسعارا مخفضة وعند دخول الزبون يجد سعرا آخر مغايرا تماما للسعر الأول، حيث دخل أحد المحلات في ضواحي العاصمة بعدما أعجبه سروال من نوع ''سليم''، حدد سعره بألفي دينار، وعندما قصد المحل لاقتنائه فاجأه صاحب المحل بالسعر الحقيقي له، والذي يساوي 4500 دينار. ولدى استفساره، قال أمين إن البائع وجهه إلى نوع آخر من السراويل ذي نوعية رديئة. ويمتنع تجار آخرون عن إعادة السلع لهم من طرف المواطنين إذا كانت لا تناسب مقاسهم أو اكتشفوا أن بها خللا، حيث يشترط أصحاب المحلات استبدال السلعة، وهو ما يضع المواطنين في مأزق في حال لم تكن البدائل مرضية. ''اشري اثنين والثالثة عليا'' يقوم بعض التجار بإجبار المواطنين على اقتناء كميات معينة من السلع، حيث يرفضون البيع بالتجزئة ويستغلون حاجة المواطن لبيعه أكثر من حاجته. ولدى سؤال بعض المواطنين عن السبب يواجهون بعبارة ''الله غالب هذا هو السوق''، فيما يعتمد تجار آخرون على سياسة الإغراء بتقديم كميات إضافية من السلع للمواطن في حال وافق على شراء كمية معينة، وهو ما من شأنه رفع حجم الاستهلاك وتهديد استقرار الأسعار، من منطلق أن هذه التصرفات لا تساعد، حسب خبراء في المجال، على عقلنة ثقافة الاستهلاك لدى المواطن. تجار يرفضون البيع ب''الرطل'' ووجد تجار آخرون حيلة جديدة لبيع المزيد والتحايل على المواطن، وعلى حد تعبير مصطفى، فإن بعض التجار استغنوا عن البيع بميزان الرطل بحجة عدم وجود أوزان الرطل، مؤكدا أن هؤلاء التجار يستغلون حاجة الزبون ويفرضون أوزانا معينة. ولم تقتصر قضية التلاعب بالأوزان على الميزان التقليدي بل تعدتها إلى الميزان الحديث، حيث يتعمد التجار قطع شرائح كبيرة من منتجات الأجبان واللحوم المصبرة وغيرها من السلع الغذائية، ما يجبر المواطن على شراء كميات إضافية نظرا لطبيعة المنتجات التي لا يتاح إعادتها لصاحب المحل، وتابعت إحدى السيدات بأن بائعي المواد الغذائية أصبحوا يستخدمون الحيلة في تعاملاتهم اليومية، موضحة بأنها طلبت من بائع المواد الغذائية أن يمنحها ما يعادل 70 دينارا من منتوج الجبن وعند تقطيع البائع للشرائح أخبرها أن وزنها يعادل 140 دينار وهو ما يمثل ضعف ما طلبت. استنكار ودعوة للمقاطعة ولأن المسألة مرتبطة بأخلاقيات مهنة لها من يدافع عنها، سألت ''الخبر'' مسؤولي الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين، فجاء ردهم على لسان الناطق الرسمي باسمهم، حاج طاهر بولنوار الذي أوضح بأن التجار ملزمون باحترام الأسعار المحددة والمؤشرة في لافتات داخل محلاتهم، مبرزا أن أغلب التجار اليوم وجدوا طرقهم الخاصة للتحايل على القانون بإشهارهم لأسعار سلع معينة تكون زهيدة الثمن بالموازاة مع وجود سلع باهظة الثمن داخل المحل. وقال بولنوار إن الضمير المهني لا يمكن أن يقبل مثل هذه التصرفات التي تستغل نقص وعي المواطن، ودعا التجار إلى الالتزام بالقانون والتجرد من كل مظاهر الغش التي من شأنها تشويه صورة التاجر القانوني والنزيه، ودعا المواطنين إلى التبليغ عن ممارسات هؤلاء التجار ومقاطعة المتحايلين منهم، وتجنب الممارسات التي تتيح رفع حجم الاستهلاك.