بعد أن وضعت الانتخابات التشريعية أوزارها وظهرت الأحزاب التي تستحوذ على المجلس الشعبي الوطني للسنوات الخمس القادمة بحيازتها على أغلبية الأصوات وتبين توجه الحكومة القادمة أيضا، بعد الحملة الانتخابية الشرسة التي خاضتها 44 تشكيلة سياسية والقوائم الحرة عبر كامل أرجاء التراب الوطني مستعملة كل الوسائل المتاحة أمامها لإيصال برامجها للشعب، ولا شكّ أن أكبر وسيلة لعرض والترويج للمترشحين كان موقع التواصل الاجتماعي الفايس بوك. تحول موقع الفيس بوك عند الجزائريين خلال الشهر الأخير إلى منبر الدعاية للاستحقاق الانتخابي بين مؤيد ومعارض وساخر، حيث تقريبا جل الأحزاب فتحت صفحات دعائية لبرامجها سواء كانت رسميّة من الحزب أو من موالي ومحبي الحزب، ناهيك عن الصفحات الممثلة لكل حزب عبر أرجاء 48 ولاية من الوطن، والصفحات الخاصة بالقوائم الحرة وفي بعض الأحيان نجد لكل مترشح صفحة دعائية خاصة به بغض النظر عن موقعه في القائمة وحظوظ كسبه الرهان، فمثلا متصدر قائمة تكتل الجزائر الخضراء بالعاصمة الدكتور عمار غول في صفحته الشخصية جمع قرابة 31100 معجب وعلى غرار ذالك نظم مسابقة (للجزائر أصمم) بجوائز مغرية حيث استقطبت حوالي 500 مشارك، أما حزب جبهة التحرير الوطني بقيادة أمينه العام عبد العزيز بلخادم خصص ساعة من أحد أيام الحملة الانتخابية للقاء محبي الحزب والإجابة على أسئلتهم عبر هذا العالم الافتراضي فجمع حوالي 7000 شخص في ساعة واحدة، أما على مستوى الجنوب الجزائري ففي ولاية غرداية مثلا كانت هناك مجموعة فايسبوكية تحت عنوان (أخبار الحياة السياسية في ولاية غرداية) جمعت حوالي 5900 من أبناء الولاية قاطبة في نقاشات حادة بين أعضائها كلّ يعرض برنامج القائمة التي يواليها ومواعيد التجمعات الشعبية والصور الدعائية الخاصة بالقوائم، فبالنسبة للقوائم الحرة كان لها نفس ذلك فمثلا القائمة الحرة الوفاء والتواصل من بلدية القرارة ولاية غرداية فتح أحد محبيها حسابا خاصا دعائيا للقائمة مبرزا أهم إنجازات رئيس القائمة حريز الناصر وتقديم وشرح برنامجه الانتخابي مع عرض صور التجمعات الشعبية المقامة من طرف القائمة. وبالموازاة مع ذلك فقد استغل المعارضون للانتخابات التشريعية الفرصة ففتحوا حسابات ومجموعة تدعوا لذلك لكن لم تكن بالمستوى فكانت أصواتهم قليلة. فلا شك أن أهم ما استوقف الجميع خلال هذه الحرب الإعلامية والدعائية تلك المجموعات الساخرة والتهكمية من بعض الأشخاص حيث أسسوا أحزابا افتراضية مستغلين الوضعية الاجتماعية التي يتكبدها المواطن في يومياته مثل الغلاء المعيشي والبطالة التي يعاني منها الشباب وخصوصا خريجي الجامعات، فكان حزب البطاطا والبطالة رسالة إلى رؤساء الأحزاب لتطبيق وعودهم بتخفيض أسعار البطاطة وتوفير مناصب الشغل، وبالإضافة إلى حزب الفرجة المضمونة حيث تصدر قائمته الظاهرة ليونيل ميسي لاعب برشلونة وبعده الأسطورة زيدان ذو الأصول الجزائرية، وإن دل على شيء فإنما يدل على اشتياق الجزائريين لعودة كرة القدم الوطنية إلى وضعها الطبيعي. هكذا أصبح الحزب الفيس بوك أكبر المنتصرين بفوزه بجميع أصوات الجزائريين من كل أطياف المجتمع في الأيام الأخيرة بمناسبة الانتخابات التشريعية وإذا كان الانتخاب حق وواجب على الأشخاص الذين بلغوا من العمر 18 سنة فما فوق يوم الاقتراع حسب القانون الجزائري لكن حسب القانون الفايس بوكي الكل ينخرط ويتحدث عن الاستحقاق الوطني والكل يساند من يهوى والفائز الأكبر هي شركة الفايس بوك بضمها ملايين المنخرطين الجزائريين. * حاج عاشور ناصر. مدونة ناصر