الزائر إلى بعض النواحي العاصمية يتهيأ له أن العيد على بعد أيام قلائل بالنظر إلى انتشار المواشي في كل بقعة منها، وهي ليست أماكن لبيع الكباش حسب ما يتضح للناظر، وإنما كباش ملك لأسر اختارت الانتهاء من ميزانية الكبش التي يهابها الجميع مبكرا، لاسيما في ظل ارتفاع الأسعار والتي من شأنها أن ترتفع أكثر مع العد التنازلي للعيد، بحيث عرفت جل الأحياء العاصمية أجواءً حيوية مميزة يعيشها الأطفال وحتى الكبار في انتظار تلك المهرجانات التي سوف تبرمج حتما في أيام العيد لتنظيم مبارزات حامية للكباش وعلى الرغم من سلبية الظاهرة إلا أنها باتت متجذرة بين الشبان والمراهقين وكل واحد منهم يريد أن يبرز قوة وأفضلية كبشه. بالمدنية، باب الوادي، بلكور العتيق، الأجواء هي نفسها ميزها الشراء المبكر للكباش وتحمل عبئها من حيث الأكل والمبيت وتنظيف الفضلات أكرمكم الله، لكن كل شيء يهون في سبيل الهروب قليلا من لهيب الأسعار وكذا انتقاء ماشية جيدة كون أن الأيام الأخيرة قبيل العيد عادة ما يميزها توفر كباش رديئة قد لا ترضي الزبون، هي كلها أمور ومعطيات دفعت بأرباب العائلات إلى اقتناء كبش العيد والانفلات من لهيب الأسعار ونحن على بعد أكثر من عشرين يوم من حلول العيد المبارك. وهي الحيل التي باتت الأسر تنتهجها من أجل اجتياز المواسم والأعياد في ظل انخفاض القدرة الشرائية خاصة وأن الكل على يقين أنه في الأيام الأخيرة ستبلغ أسعار المواشي مستويات خيالية، ويمسك الموالون زبائنهم مسكة موجعة بعد ضيق الوقت، الأمر الذي أدى بالبعض إلى تفادي كل تلك العقبات واقتناء كبش في هذه الفترة والفراغ من ميزانيته مبكرا، مما خلق أجواء العيد بمختلف النواحي العاصمية مبكرا على غرار حي الكونفور بالمدنية الذي امتلأ بالكباش خاصة وأنه يتميز على حوافه بمساحات خضراء ساعدت على وضع الكباش هناك، وفي زيارة لنا إلى ذات الحي وقفنا على الغبطة والفرحة التي سكنت قلوب الكبار قبل الصغار بعد أن تحققت أمانيهم في شراء أضحية العيد وإدخال السرور إلى عائلاتهم لاسيما في ظل الارتفاع الذي تشهده أسعار الماشية في هذه السنة ومصيرها أن ترتفع قبيل العيد. اقتربنا من أحد المواطنين الذي كان برفقة كبشه وأطفاله بحيث كانوا يرعون بالكبش هناك، فقال إن السبب الرئيسي الذي دفعه إلى شراء كبش هو تخوفه من ارتفاع الأسعار التي لا نقول إنها معقولة الآن لكن سترتفع حتما حسب ما عهدناه في السنوات الماضية، بحيث قال إنه اقتنى كبشه بسعر 45 ألف دينار وهو كبش عادي ومتوسط إلا أن سعره مرشح للارتفاع مع اقتراب العيد، وقد يصل إلى 55 ألف دينار دونما شك، الأمر الذي دفعه إلى الانتهاء والفراغ من ميزانية الأضحية مبكرا التي كان مثقلا بها كثقل الجبال من قبل. وهي الأجواء نفسها التي عشناها مع أبناء باب الوادي ذلك الحي الذي يعرف بحيويته الدائمة، بحيث هبت العائلات إلى اقتناء كباشها واصطفت حتى نقاط لبيع الكباش الأمر الذي تجاوب معه المواطنون، خاصة وأن ذلك سيسهل عليهم المهمة ومشقة الانتقال من ناحية إلى أخرى بحثا عن كبش للعيد، كما أن الكباش التي وفرتها تلك المستودعات هي كباش لا بأس بها ما بينه الحاج رزقي الذي قال إنه اقتنى كبشا للعائلة من هناك بسعر 55 ألف دينار وهو كبش جيد قد لا يتوفر بذلك السعر مع اقتراب العيد، وصمم على الانفلات من ارتفاع الأسعار وكذا من ندرة الكباش الذي هو مشكل آخر باتت تصادفه العائلات في كل سنة مما يجبر البعض على الانتقال إلى ولايات أخرى قصد اقتناء كبش العيد، و(للتخلص من كل تلك العقبات صممت على اقتناء الكبش قبل شهر من حلول العيد المبارك).