يعيش أفراد عائلة (سليم . ب)، الستة، حياة قاسية، داخل غرفة لا تتعدى مساحتها عشرة أمتار، ومطبخ لا يسع حتى لوقوف شخص، بالحي الفوضوي بجبل أبو ليلى، ببلدية الأبيار بالعاصمة. بالإضافة إلى ضيق المكان تعاني أسمى وأكرم من الربو والحساسية جعلت أوضاعهم الاجتماعية المزرية والمأساوية تزداد تدهورا يوما بعد يوم نظرا لطبيعة المكان الذي تنعدم فيها أبسط ضروريات الحياة الكريمة. وبمجرد دخولنا الحي الفوضوي الذي هو عبارة عن أزقة ضيقة، تعذر علينا اقتحام المكان الذي لا يسع السير فيه إلا فرادى، وما أذهلنا أكثر هو البيت الذي يتكون من غرفة لا تفوق مساحتها عشرة أمتار مربعة لا تليق لعيش بشر، فما بالك بمصابين بأمراض مختلفة على غرار الحساسية المفرطة والربو وغيرها من التعقيدات الصحية. منزل عائلة (سليم.ب)، المكسوة باللون الأخضر من شدة الرطوبة العالية، ناهيك عن تواجدها بمحاذاة منحدر يشهد انزلاق التربة لاسيما في فصل الشتاء، فضلا عن أكوام القمامات التي تحولت مع مرور الوقت إلى مفرغة عمومية متواجدة بمحاذاة نافذة بيته أو شبه البيت، حيث تنبعث منها روائح كريهة تسد الأنفاس، ناهيك عن الانتشار المذهل للحشرات المؤذية والبعوض الذي نغص نومهم وراحتهم، وما ساهم في تدهور وتفاقم وضع العائلة داخل تلك الغرفة أيضا هو انعدام التهوية بها نتيجة عدم دخول أشعة الشمس للبيت الذي يشبه السجن الانفرادي من شدة الرطوبة والبرودة معا، زيادة على هشاشة جدران الغرفة وسقف شبه المطبخ، كما سبق الذكر. وحسب السيد سليم، فإنه في حالة الاضطرابات الجوية تتحول تلك الغرفة إلى مسبح بسبب تسرب مياه الأمطار من السقف والتشققات مما جعل الجدران مهترئة عن آخرها، ومما يوحي لك بأنها ستنهار على رؤوس قاطينها في أي لحظة. أما حاجيات هذه العائلة من الأفرشة واللوازم فهي مركونة فوق طاولة، وهذا لتجنب تبللها من مياه الأمطار، أو حفاظا عليها من تجول الجرذان، هذه الأخيرة حدث ولا حرج فإنها تتقاسم المكان مع هؤلاء البؤساء على حد تعبيرهم. حقيقة وقفنا على حجم المعاناة التي يتخبط فيها أفراد هذه العائلة وحالتهم الكارثية والقاتلة، وما حز في أنفسنا هو حالة هؤلاء الصغار الذين حرمتهم الظروف من العيش في هناء كباقي الأطفال الذين يعيشون في رفاهية. إنه بالفعل وضع مزر ومأساوي، وما زاد الطين بلة هو أن الوالد عامل يومي وبالكاد يجلب لقمة العيش. وكشف لنا الأب، أن طفليه مصابان بالربو والحساسية خاصة عند تقلبات الجو وتساقط الأمطار، فأكثرهم تأثرا بالجو المضطرب الابن الأصغر البالغ من العمر عام ونصف، حيث يصعب عليه التنفس لدرجة نقله إلى المستشفى كلما كانت الأحوال الجوية مضطربة، وحتى زوجته تعاني من الحساسية المفرطة. أما أكرم صاحب 11 سنة، فهو الآخر يعاني من الربو. وحسب السيد (ب. سليم)، فإنه أصبح عاجزا عن تحمل هذا الوضع المزري الذي لا يطاق في ظل تفاقم المشاكل بين أزمة السكن والأمراض التي تحاصر عائلته في هذا المكان، الذي لا يصلح حتى للحيوانات -على حد تعبيره-، وهذا منذ حوالي 55 سنة. ويقول السيد سليم، أنه اتصل بالسلطات المحلية ليشكو وضعيته الحرجة من أجل إيجاد حل والوقوف على وضعيته التي لا تصلح لأبرياء مصابين كلهم بأمراض مزمنة ومعاينة المكان لحفظ كرامتهم مثل باقي المواطنين الجزائريين والحصول على مسكن لائق، غير أنه لم يتلق سوى الوعود الكاذبة، وبقيت انشغالاته حبيسة الأدراج، وكل الأبواب أغلقت في وجه هذا المواطن، رغم أن المسؤولين وقفوا على وضعيته الكارثية خاصة أثناء طوفان 2001، الذي أدى إلى كارثة طبيعية أين تحول بيته إلى مستنقع، فضلا عن انزلاق التربة الذي تسبب في انهيار جزء من البيت نتيجة هشاشته، كما تسبب هذا الانزلاق في سقوط 3 بيوت من نفس الحي، الأمر الذي أدى إلى تدخل السلطات الولائية والحماية المدنية والوقوف على المتضررين المقيمين على حافة المنحدر، كما تمّ أخذ أسماء المنكوبين قصد تسوية وضعيتهم. يقول هذا الأخير، إنه رغم معاينة وضعيته الحرجة والكارثة، سواء بالنسبة لوضعية أبنائه الصحية أو لمقر السكن إلا أن السلطات تجاهلته تماما لأسباب يجهلها، ولذلك يرفع السيد سليم نداءه إلى السلطات المحلية قصد ترحيله إلى سكن لائق، وإلى وزارة التضامن بمساعدته وانتشاله من وضعيته ورفع الغبن عنه.