ما الذي يدفع الفنان أو الفنانة إلى اتخاذ قرار الاعتزال ثم الرجوع عنه والظهور على الشاشات في أدوار لا تخلو من الجرأة أحياناً؟ اللافت في هذه الظاهرة أن المال يؤدي دوراً رئيساً وخير دليل على ذلك أن فنانات كثيرات أعلنّ اعتزالهن وارتداء الحجاب، ثم عدن بعدما تراجعت مواردهن المالية. منذ أكثر من عامين أعلن فضل شاكر أنه سيعتزل بحجة أن الفن أمر محرّم دينياً، إلا أن مقربين منه أقنعوه بأن هذا المجال يساعده على القيام بأعمال خيرية، وفعلاً استمر فضل في مسيرته. لكنه طالما ردد أنه لا يعيش حالة استقرار نفسي، إلى أن اندلعت الثورة السورية وظهر الشيخ أحمد الأسير، فشعر شاكر أن الوقت حان لاتخاذ قرار تردد فيه طويلاً، فكان الاعتزال والتوجه نحو الإنشاد الديني وليس الإنشاد الصوفي، في خضم الثورة السورية. ظهر شاكر أمام جمهوره فناناً لديه قضية يعمل لأجلها، تماماً مثل الفنان الإماراتي محمد المازم الذي غزا الساحة الغنائية العربية بقوة وكان نجماً من الصف الأول وصور كليبات عالية الكلفة، ثم ما لبث أن انسحب من الساحة الفنية وتفرغ إلى الإنشاد الديني، وهو يعيش بعيداً عن الأضواء في وطنه. اعتزال لا اعتزال بعد وفاة رفيق مسيرتها الفنية علاء ولي الدين، عاشت حنان ترك صراعاً بين أن تبقى حنان النجمة الجميلة وبين ارتداء الحجاب والالتزام الديني، وبعد سنوات حزمت أمرها وارتدت الحجاب وأعلنت اعتزال العمل الفني والتفرغ للعبادة والتعمق في أمور دينها. لكن هذا القرار لم يستمر طويلا فعادت حنان إلى التمثيل بالحجاب على اعتبار أن الإغراءات المادية لم تتعارض مع الشروط الجديدة التي وضعتها للظهور على الشاشة. لكنها ما لبثت أن دخلت في صراع بين أن تكمل الفن أو تعتزل، فانخرطت في العمل الإنساني، وخلال الشهر الفضيل أعلنت حنان أنها أسدلت الستار على مسيرتها الفنية واعتزلت بشكل نهائي لتتفرغ لرعاية أولادها الثلاثة، يوسف، آدم ومحمد، بالإضافة إلى الاهتمام بوالدتها. فجأة، تردد أن حنان على أبواب الارتباط بإحدى الشخصيات الإخوانية، ورغم أنها لم تنفِ مسألة الارتباط أو تؤكدها إلا أن الواضح تماماً أنها اتخذت قراراً نهائياً بالاعتزال. أما عبير صبري فارتدت الحجاب بشكل مفاجئ في وقت كانت فيه مشروع نجمة صف أول، لكن ما لبث هذا القرار أن ذهب أدراج الرياح فعادت إلى الفن وخلعت الحجاب وأدت أدواراً جريئة، وقالت في أكثر من مناسبة إنها لم تستطع الاستمرار بارتداء الحجاب لأن أبواب الرزق أوصدت في وجهها. أصيبت الفنانة الشابة ميرنا المهندس منذ سنوات بوعكة صحية دخلت على أثرها المستشفى فارتدت الحجاب، ثم ما لبثت أن خلعته عندما شفيت. كذلك الحال بالنسبة إلى حلا شيحا التي تأرجحت بين ارتداء الحجاب والاعتزال، ثم العودة إلى الفن بالحجاب وخلعه لاحقاً، وأخيراً الاعتزال وارتداء النقاب والزواج. عودة بعد غياب سهير رمزي التي اعتزلت الفن لمدة 13 عاماً بعد ارتداء الحجاب، عادت إلى الشاشة الصغيرة في مسلسل (حبيب الروح)، كذلك عادت سهير البابلي إلى التمثيل بعد سنوات من الاعتزال في مسلسل (قلب حبيبة). في المقابل، شكّل الإعتزال بالنسبة إلى بعض الفنانات قراراً نهائياً، ومن أبرزهن شمس البارودي زوجة الممثل حسن يوسف، والممثلة شهيرة زوجة الممثل محمود ياسين. في هذا المجال، ترى الناقدة الفنية سماح عبد ، أن ظاهرة اعتزال الفنانات لم تعد تشكل مفاجأة بالنسبة إلى الجمهور، فغالبية الممثلات اللواتي قررن الاعتزال عدن إلى الشاشة لسببين، الأول مادي، بعدما يجدن أن حالتهن المادية الميسورة قد وصلت إلى نهايتها، فيما تتقاضى زميلاتهن أجوراً فلكية. أما السبب الثاني فنفسي، إذ يشعرن بحالة من الإحباط والكآبة بسبب انحسار الأضواء عنهن فتعود كثيرات منهن عند أول فرصة.