شرع رئيس مجلس وزراء جمهورية مصر العربية هشام قنديل أمس الاثنين في زيارة للجزائر على رأس وفد هامّ بدعوة من الوزير الأوّل السيّد عبد المالك سلاّل. وبدا واضحا من خلال معطيات زيارة قنديل، المعروف بقربه من تيار الإخوان الذي يحكم مصر اليوم، وتصريحاته أن (النّظام الإخواني) في مصر يسعى جاهدا لمغازلة الجزائر بهدف كسب ودّها وطيّ (صفحة أم درمان). رئيس مجلس وزراء جمهورية مصر هشام قنديل صرّح أمس الاثنين بأنه جاء حاملا (رسالة حبّ) إلى الجزائر، مشيرا إلى أن الهدف من زيارته إعادة بعث روح التعاون والتقارب بين الجزائر ومصر، في اعتراف ضمني بالهزّة التي شهدتها علاقات البلدين نتيجة (فتنة المونديال) التي أجّجها إعلام غير مسؤول كان لأبواق نظام المخلوع مبارك فيه نصيب الأسد، وهي الفتنة التي اشتعل فتيلها بمناسبة لقاء العودة من تصفيات مونديال 2010 وزاد لهيبها بعد اللّقاء الفاصل بأمّ درمان في السودان. قنديل ذكر في تصريح للصحافة عقب وصوله إلى الجزائر حيث كان في استقباله بمطار هواري بومدين الدولي الوزير الأوّل السيّد عبد المالك سلاّل، أن الهدف من زيارته إلى الجزائر هو (إعادة بعث) روح التعاون بين الدولتين الشقيقتين مصر والجزائر كما كانت سابقا (إستلهاما من روح الثورة التحريرية الجزائرية وروح 25 جانفي). وأضاف رئيس مجلس وزراء مصر أنه سيتباحث والمسؤولين الجزائريين في ملفات سياسية واقتصادية عديدة، مبرزا أنه جاء إلى الجزائر على الخصوص (لإعادة الدفء والمحبّة إلى العلاقات التاريخية والأزلية التي تجمع البلدين). وشدّد المسؤول المصري بالمناسبة على وجود (تنسيق) بين الجانبين في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، وأن المهمّ بالنّسبة لنا هو (التقارب). واسترسل المسؤول المصري يقول من جهة أخرى إنه جاء حاملا رسالة حبّ ومشاعر صادقة من القادة السياسيين ومن الشعب المصري إلى الرئيس بوتفليقة وإلى الشعب الجزائري بمناسبة العيد ال 50 لاستقلال الجزائر، وذكّر بالمناسبة بالمجاهدين الجزائريين الذين استشهدوا على الجبهة المصرية سنة 1973 مؤكّدا أن وزير الدفاع الجزائري الحالي (الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) تحصّل على وسام (نجمة سيناء). ويُنتظر أن تسمح زيارة رئيس مجلس وزراء مصر إلى الجزائر التي تدوم ثلاثة أيّام، بإجراء تقييم شامل للتعاون الثنائي بين البلدين ودراسة السبل الكفيلة بتعميقه وتنويعه في العديد من المجالات وفقا للإرادة السامية لقائدي البلدين. كما تشكّل زيارة قنديل الذي كان في استقباله الوزير الأوّل المصري بمطار هواري بومدين الدولي السيّد سلاّل فرصة لتبادل وجهات النّظر والتشاور والتنسيق حول المسائل المتعلّقة بالوطن العربي، وكذا مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وحلّ السيّد قنديل بالجزائر على رأس وفد هامّ يضمّ ستّة وزراء هم وزير الخارجية السيّد محمد كامل عمرو، وزير الإعلام السيّد صلاح عبد المقصود، وزير الاتّصالات السيّد هاني محمود، وزير البترول السيّد أسامة كامل، وزير التخطيط والتعاون الدولي السيّد أشرف العربي ووزير الصناعة السيد حاتم صالح، إلى جانب عدد من رجال الأعمال ورؤساء الشركات. كما أفاد سفير مصر بالجزائر السيّد عزّ الدين فهمي في بيان صحفي بأن هذه الزيارة (تعدّ الأولى من نوعها لمسؤول مصري من هذا المستوى منذ ثورة 25 جانفي وبعد الإصلاحات السياسية الكبيرة التي شهدتها الجزائر تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة السيّد عبد المالك سلاّل). وقال الدبلوماسي المصري إن هذه الزيارة التي تتزامن مع احتفال الجزائر بالذّكرى ال 50 لاستقلالها ستشهد إجراء مباحثات مع كبار المسؤولين في الحكومة وتتناول العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية (بما يخدم شعبي البلدين اللذين يرتبطان منذ القدم بعلاقات متميّزة)، وأضاف أن المباحثات في المجال السياسي ستشمل سبل تعزيز الحوار الاستراتيجي بين البلدين وزيادة التنسيق في المحافل الإفريقية والعربية والإسلامية والدولية، بالإضافة إلى (بحث آخر المستجدّات في منطقة شمال إفريقيا وتهديدات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وعمليات تهريب السلاح من ليبيا)، إلى جانب ملفي القضية الفلسطينية والأزمة السورية. في المجال الاقتصادي ينتظر أن يتمّ الاتّفاق خلال هذه الزيارة على موعد لعقد اللّجنة العليا المشتركة بين البلدين، علما بأن آخر اجتماع لهذه اللّجنة كان قد تمّ في 2008 بالجزائر العاصمة. كما سيكون موضوع تشجيع التعاون في المجال الزراعي والحيواني في صلب المحادثات الجزائرية المصرية، إلى جانب بحث إقامة خطّ بحري بين البلدين بغية زيادة التصدير والاستيراد والتقليل من نفقات الشحن والتأمين، حسب نفس المصدر. وفي مجال التربية والتعليم من المنتظر أن يتمّ بحث خلال زيارة السيّد قنديل للجزائر زيادة المنح الدراسية المقدّمة من طرف الأزهر الشريف والمنح الدراسية المقدّمة من الجامعات المصرية للطلبة الجزائريين.