الأغواط هي إحدى المدن الجزائرية المتوسطة الحجم تحتوي على الكثير من الخيرات تشتهر بالنخيل وببساتينها الضاربة في جذور التاريخ وأهل الأغواط من أشد الناس كرما، تتميز المدينة بطابعها العربي الأصيل الذي يعود إلى مؤسسي المدينة العرب الهلاليين خلال العصور الوسطى في القرن ال11 م، ورغم محاولة المستعمر الفرنسي تغيير طابع المدينة على غرار مدن عديدة في شمال البلاد إلا أنه لم يفلح لحسن الحظ وأخيرا وبعد محاولات عديدة قرر أن يجعلها منطقة ذات حكم عسكري فاكتفى ببناء الثكنات وحسب. تشتهر المدينة باحيائها القديمة كزقاق الحجاج، القابو، الصوادق، الزبارة، قصر البزائم، قصر الفروج، الشطيط، المقطع، القواطين، الضلعة، زقاق الطاقة وباب الربط، بالإضافة إلى ساحتها الشهيرة رحبة الزيتون وجنان البايلك، وكذا أحياءها العريقة كالمعمورة، وسط المدينة -البلاد- الواحات الشمالية، المقام وأحياء المصالحة، الوئام... ويعرف شهر رمضان استعدادات كبيرة من طلاء وتنظيف البيوت وتجديد بعض أثاثها وتحضير التوابل وبعض الأكلات مسبقا، كما يعرف توسعا في الإنفاق مهما كانت المداخيل واجتماع أفراد الأسرة على مائدة الإفطار، وتزاور الأسر في الليل، اما على مستوى الأحياء فان السكان يستغلونها طوال الشهر في التجمع لتناول ما يجلبونه من بيتهم من أطعمة الإفطار المتنوعة في نوع التكافل وفي جو من المرح وحرص الكل حتى بعض المفرطين على أداء صلاة التراويح بالمساجد. أما بخصوص الأطفال فهناك عادة متفردة كانت تتمثل في قيامهم ببناء مصاطب. وكل طفل أو بنت يتخلف عن المشاركة يصبح عرضة للسخرية من خلال أهازيج محفوظة يرددها زملاؤه، إلا أن هذه العادة الحميدة والطريقة قد تلاشت الآن. وتعتبر المائدة الاغواطية متنوعة وكثيرة والأطباق الشهيرة في ولاية الاغواط طبق تشيشة والبوراك باللحم وزيتون السلطان وكريات لحم مفروم، والحلو بالسفرجل سلطة الباذنجان والسفة وغيرها. ومن بين الاطباق المشهور بالاغواط والتي يزداد الاقبال عليها في شهر رمضان شراب القطع البارد، ولاتكاد خيمة من خيم سكان البادية بالأغواط تخلو من إناء أو قدح واحد على الأقل معبأ بالمشروب المحلي المعروف ب "القطع البارد" لما يوفره هذا المشروب التقليدي من قدرة لمستهلكيه على مقاومة العطش وقلة الطلب على الماء حتى أصبح علامة مسجلة باسمهم ومشروبهم الأول الأكثر رواجا بينهم بدون منازع. وتتمثل وصفة إعداد هذا المشروب اليدوي البسيط في خلط مستخلص التمر أو( الغرس) بالمشمش المجفف (الهرماس) إلى أن يشكلا سائلا أشبه ما يكون بالعصير تضاف إليه نبتة برية يطلق عليها "ألتقفت" لتعطيه طعما لذيذا ومذاقا منعشا. ويقترن تحضير وتناول هذا المشروب لدى العائلة البدوية الأغواطية بحلول فصل الصيف غير أن تزامن أيام شهر رمضان المعظم في السنوات القليلة الماضية وموجات الحرارة جعل منه مشروبا رئيسيا يتداول على احتسائه أفراد الأسرة مع كل موعد فطور وسحور أيضا. ومما أفرزه الشغف بعصير "القطع البارد" هو التخلي عن أطباق رمضانية أخرى كان من المستحيل التنازل عنها فيما مضى إذ أنه حل محل "الحريرة" وحجز لنفسه مكانا عقب تناول التمر والحليب في فترة الإفطار.