كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يميز بين الفقير والغني إنما استطاع النبي أن يوازن بين الطبقات، بأن راعى الفقراء وحث الأغنياء على مساندتهم، ومن هؤلاء الفقراء كون النبي صلي الله عليه وسلم جماعة عرفت بالتقوى والإيمان هم (أهل الصٌّفَّة). أما (أصحاب الصفة) فهم جماعة من فقراء المؤمنين الأوائل كانوا ينقطعون في مسجد رسول الله بالمدينة للعبادة، وسموا ب(أهل الصفة) لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب منهم أن يصطفوا صفا خاصا بهم عند الصلاة وكان موقعُهم بالنسبة للحرم النبوي في الجهة المقابلة لحائط القبلة فكانوا يفعلون ما يُطلب منهم حتى عُرفوا بهذا الاسم أو تلك الصفة. وأما الحكمة التي من أجلها طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الصُّفَّة أن يصطفوا صفا خاصا بهم، فهي أن يراهم المصلون فيحسنوا إليهم دون أن يريقوا ماء وجههم بالطلب أو بالسؤال. ويذكر الشيخ عبد العزيز سويدان أن تسميتهم ب(أهل الصفة) كانت لأن النبي صلى الله عليه وسلم بني جدارا مواجها لقبلة مسجده الكريم، وأمر أن يظلل هذا الجدار وهو الجدار الذي كانوا يصطفون تحته عند كل صلاة، والصُّفة في اللغة تعني (الظُّلة)، لذلك سموا بهذا الاسم. وذكر الكاتب سامح كُريم في كتاب (أعلام في التاريخ الإسلامي في مصر) أن النبي صلى الله غليه وسلم كان يطلب من أغنياء الصحابة أن يأخذ كل واحد منهم جماعة من أهل الصفة يستضيفونهم للعشاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بنفسه فيجمع عددا من هؤلاء المؤمنين ليكونوا في شرف ضيافته. وقد خصَّص القرآن الكريم لهم بعض الآيات ومنها (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة 273-274 وقوله تعالى (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر 8-9 ومن أمثال (أهل الصفة) من الصحابة الكرام، الصحابي الجليل أبو هريرة، وسلمان الفارسي، وحذيفة ابن اليمام، وأبو ذر الغفاري، وعبد الله بن مسعود.