لقد اختار الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أفضل الأصحاب، فهم أفضل الأمة، وأبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلّها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، والجهاد في سبيله؛ لنشر الإسلام. هم فوقنا في كل علم وفقه ودين وهدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا. وإذا كان أحدهم يرى الرأي فينزل القرآن بموافقة رأيه، فإن رأيه صادر من قلب ممتلئ نوراً وإيماناً وحكمة وعلماً ومعرفة وفهماً. هؤلاء الصالحون أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت لهم مجالس، لكنها مجالس عامرة بالإيمان والخير. قال فضيل بن غزوان: كنا نجلس أنا ومغيرة نتذاكر الفقه، فربما لم نقم حتى نسمع النداء بصلاة الفجر. وكانوا يجتمعون فيأمرون أحدهم أن يقرأ عليهم القرآن، اجتمعوا فقال عمر -رضي الله عنه-: يا أبا موسى ذكّرنا ربنا، فقرأ وهم يستمعون. وكان الواحد منهم يقول للآخر ولمن معه: اجلسوا بنا نؤمن ساعة، وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه التطوع في جماعة مرات، وخرج على الصحابة من أهل الصفة وفيهم قارئ يقرأ، فجلس معهم يستمع. فعن جابر -رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نقرأ القرآن، وفينا العربي والأعجمي، فقال: “اقرأوا فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلون”.( رواه أبو داود). وكان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا جلسوا يتذاكرون، فإنهم يذكرون ما بعد الموت، والآخرة، فعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر، فقال: “ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة، ثم ذكر لهم علاماتها” (رواه مسلم).