بقلم: سمير البحيري طفت على السطح فجأة قضية مهمة يجب التوقف عندها قليلًا.. بعد أن تناقلتها وسائل الإعلام المصرية بكثافة خلال الأيام الماضية.. وهي توطين الفلسطينيين في سيناء والسبب لما يجري فيها من بعض الخلايا الإرهابية، وما يقابله من تعدٍ إسرائيلي سافرٍ على قطاع غزة، وهي مقولة يراد بها باطل بأن حماس تسعى لذلك بمباركة مصرية إخوانية، لتلاقي الطرفين في الفكر والاستراتيجية، والحقيقة أن حماس والإخوان لا يملكان ذلك الحق، فمنظمة حماس كما هو معروف على خلاف دائم مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لتراجع البعض عن حق العودة للاجئين من وجهة نظرها، فيما ترى هي عكس ذلك بأنه حق أصيل لكل فلسطيني ولا تنازل عنه والمطالبة بكل التراب الفلسطيني، بما يعني أن الخلاف بينها والرئيس عباس جوهري وليس خلاف قشور.. خاصة أن الأخير أثار الرأي العام الفلسطيني منذ أيام بتصريح له، بالإنجليزية لتليفزيون القناة الثانية الإسرائيلي قال فيه: (لقد زرت (صفد) مرة من قبل، لكنني أريد أن أرى (صفد) من حقي أن أراها.. لا أن أعيش فيها)، وهي المدينة التي ولد فيها عباس ونزح مع عائلته صغيرًا بعد حرب 1948.. وهنا قامت الدنيا بعد أن فسر البعض تصريحات عباس بأنها تنازل مؤكد عن حق عودة اللاجئين، لكنه لم يقُلْ ذلك بشكل مباشر، وخرجت حماس مباشرة بتصريحات أكدت فيها أن رأي عباس يعبر عنه فقط، وقال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري بغزة: إن أي فلسطيني لن يقبل بالتنازل عن حق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وقراهم وبلداتهم التي نزحوا منها وإن كان عباس لا يريد (صفد) فإنها سيشرفها ألا تستقبل أمثاله. وهو تصريح شديد اللهجة والمضمون.. بما يعنى أن الفلسفة التي تتعامل بها حماس مع إسرائيل تختلف كليةً عن فلسفة الرئيس عباس وإن كان الرجل تراجع في كلامه وقال لقناة الحياة المصرية فيما بعد إن حديثه عن (صفد) يعبر عن موقف شخصي، ولا يعني التنازل عن حق العودة، ولا يمكن لأحد التنازل عن هذا الحق)، وهو ما قابله رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بتصريح يشكك في صدق نوايا الرئيس الفلسطيني، وقال نتنياهو في اجتماع لحكومته (شاهدت مقابلة الرئيس عباس في مطلع الأسبوع، وسمعت أنه منذ ذلك الحين سعى بالفعل للتراجع)، وحث عباس على العودة إلى مفاوضات السلام المباشرة المتوقفة منذ عام 2010 لتوضيح مواقفه يقصد عباس..، ليسقط كل ذلك بالفعل ما قصده عباس.. لهنا والأمور لا توحي بأن تكون حركة المقاومة حماس لديها النية المؤكدة لنقل الشعب الفلسطيني لوطن بديل في سيناء، قد تكون إسرائيل لديها الرغبة في ذلك فغزة الصداع المزمن في رأسها وتؤرقها بشكل مستمر، فقد قال رابين يومًا ما (أتمنى أن أصحو من النوم لأجد غزة وقد غرقت في البحر) وهذا يعمق مدى حالة الفزع التي تعيشها إسرائيل دائمًا من قطاع غزة والمقاومة الباسلة لحركة حماس، والتي تعد الرقم الصعب في عملية التوازن بين كافة الأطراف بما فيها مصر، فهي الوحيدة التي تقاوم بشكل دائم ولا تيأس بل تزداد قوة بتحقيقها انتصارات معنوية دائمة على إسرائيل، فيما تخسر الأخيرة الكثير باعتدائها الدائم على القطاع، بما يؤكد أن هناك قضية شعب لم تُحل بعد، رغم التراجع الرهيب بين مطالب الأمس واليوم، فإسرائيل بدأت حصارها على غزة قبل 6 سنوات وتحديدًا 2006 بعد نجاح حركة المقاومة حماس في الانتخابات التشريعية في حينها، ومستمرة في حصارها، بهدف إضعاف حماس.. ومع مرور السنوات الست جرى العكس بأن قويت شوكة حماس أكثر من ذي قبل، وأصبح لديها أنياب وصورايخها تطال تل أبيب الآن، قد تكون مواجهة غير متكافئة لكنها تبقى مطلوبة معنويًا، فى ظل تراجع عربي على كافة الأصعدة، فحماس لا تريد سيناء ولا ترغب أبدًا في التوطين في أراضيها.. لأنها تعي تمامًا أن هذا مستحيل وسيكون بمثابة الورقة الأخيرة التي تحرق قضية شعب بكاملها ويسدل عليها الستار للأبد.