حول مدى جواز توجيه أموال الزكاة لبناء وتعمير المساجد قال الدكتور على جمعة، مفتي مصر: تقرر عند علماء المسلمين أن هناك حقاً في المال سوى الزكاة، فمنه الصدقة المطلقة، ومنه الصدقة الجارية، ومنه الوقف، تصديقاً لقوله تعالى: (وَفِى أمْوَالِهمْ حَقٌ للسَّائِل وَالمَحْرُوم) (الذاريات: 19)، وفى مقابلة قوله تعالى: (والذينَ في أمْوَالِهمْ حَقٌ معلوم. للسائِل والمحرُوم) (المعارج- 24: 25) الخاص بالزكاة المفروضة. وأضاف جمعة: كل ذلك من باب فعل الخير الذى لا يتم التزام المسلم بركوعه وسجوده وعبادة ربه إلا به، قال تعالى: (يا أيهَا الذيِنَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا واعبُدوا رَبَّكمْ وافعلوا الخير لعلكم تُفلحونَ) (الحج: 77)، وقال صلى الله عليه وسلم: «الصَّدقة تطفئُ الخطيئة كَمَا يُطفئُ الماءُ النار»، والزكاة التي هي فرض وركن من أركان الإسلام قد حددت مصارفها على سبيل الحصر في قوله تعالى: (إِنَمَا الصَّدَقاتُ للفقرَاء والمساكين والعَاملينَ عليهَا والمؤلفة قلوبُهُمْ وفى الرِّقابِ والغَارمِينَ وفى سبيل اللهِ وابْن السَّبيل فريضَةً من الله واللهُ عليمٌ حكيمٌ) (التوبة: 60)، وليست المساجد من مصارف الزكاة الثمانية، فمصارفها الإنسان، فالإنسان قبل البنيان، والساجد قبل المساجد. وعليه وفي واقعة السؤال لا يجوز بناء المساجد من الزكاة، ولكن يمكن أن تكون من الصدقة، ويمكن الاقتصار على أقل ما يمكن بناؤه لإقامة الصلاة في المسجد، رعاية لكبار السن وغيرهم ممن لا يستطيع الذهاب للمسجد البعيد إلا بمشقة، وكلما تجمع مال من متبرعين زدتم في بناء المسجد بما يناسب، تحقيقاً للمصلحتين، والعبرة في المساجد ليس في بنيانها وأحجارها ولكن برجالها الذين قال الله تعالى فيهم: (في بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيها اسمُهُ يُسبحُ لهُ فيها بالغُدُوِّ والآصال، رجالٌ لا تُلهيهمْ تجارةٌ ولا بيع عَن ذِكر الله وإقام الصلاة وإيتَاء الزكاةِ يخافون يوماً تتقلبُ فيه القلوبُ والأبصارُ، ليجزيهُمُ الله أحْسنَ ما عَمِلوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب) (النور: 36- 38)، وقال صلى الله عليه وسلم في روادها: «سبعة يُظلهمُ اللهُ في ظِلهِ يَوْمَ لا ظلَّ إلا ظلهُ: ... ورجل قلبُهُ مُعلق بالمَساجد...» متفق عليه.