أصيب عشرات المواطنين المصريين، أمس الأربعاء، بالاختناق في ميدان التحرير وسط القاهرة بفعل إطلاق عناصر الأمن الغاز المسيل للدموع بكثافة، لتفريق متظاهرين في أحد جوانب الميدان. وأصيب عددٌ من المواطنين بالاختناق خلال تواجدهم بمحطة مترو أنفاق السادات بميدان التحرير وسط القاهرة، بفعل قيام عناصر من الأمن بإطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين يرشقونهم بالحجارة بميدان (سيمون بوليفار) مقابل مبنى السفارة الأمريكية. وتدور اشتباكات متقطعة بين عناصر من الأمن وعشرات من المتظاهرين منذ صباح الثلاثاء، قبل احتشاد أكثر من مائة ألف متظاهر في مظاهرة تحت شعار (للثورة ثوَّارٌ يحمونها) تزامنت مع سقوط قتيل ثالث بميدان التحرير مصاباً باختناق بفعل الغاز المسيل للدموع، وإصابة مئات في اشتباكات بين مؤيدين لإعلان دستوري أصدره الرئيس المصري محمد مرسي، ومعارضين له في غالبية المحافظات. ووقعت غالبية الإصابات في مدن المنصورة مركز محافظة الدقهلية (شمال القاهرة)، والمحلة الكبرى بمحافظة الغربية (شمال غرب القاهرة)، والأسكندرية الساحلية. يأتي ذلك بينما دعا عددٌ من القوى السياسية إلى عصيان مدني في الميدان، وذلك غداة تظاهرات في ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط الإعلان الدستوري. وقد اندلعت اشتباكات عنيفة ليلاً سقط فيها 116 مصابًا بين مؤيِّدي مرسي ومعارضيه في ميدان التحرير بالقاهرة ومدن المحلة الكبرىوالمنصورة في دلتا النيل ومدينة المنيا جنوبي القاهرة. وألقى المتظاهرون المعارضون لقرار مرسي والإعلان الدستوري زجاجات حارقة على مقر الحرية والعدالة في مدينة المنصورة. وكان الجيشُ المصري قد نفى إصدار أيَّة بيانات وذلك بعد انتشار بيانات تدَّعي أنها (بيان من ضباط الجيش المصري)، ويتم توزيعها في ميدان التحرير وتحمل تبني الضباط للاعتراضات على الإعلان الدستوري. وقال مصدرٌ عسكري (لم نصدر أي بيان خاص بالأزمة الأخيرة، وأي بيان ننشره على لسان المتحدث الرسمي على صفحته الشخصية على (فيسبوك). كما أكد أن القوات المسلحة ليست طرفًا في الصراع السياسي الدائر حاليًا، وذلك تعليقًا على موقف الجيش من التظاهرات، وقال: (دورنا تأمين الوحدات وصدرت أوامر بعدم الاحتكاك مع الجماهير). وأضاف: (ما يحدث هو محاولة من الفصائل السياسية لإدخال الجيش في الصراع الدائر.. وهو ما لن يحدث). وأضاف المصدر قائلاً: (ما جعلنا نفضل عدم إصدار أية بيانات سياسية أن القوات المسلحة عادت إلى دورها الطبيعي في حماية الدولة، والجيش لن يتدخل إلا إذا دُعِي لحماية الشعب في حالة نشوب أزمة). من جهة أخرى، صرَّح متحدث رسمي في البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يدعو إلى الهدوء في مصر، وحل الخلافات بطريقة سلمية. وأضافت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية: (ما يشعرنا بالأمل أن مختلف أصحاب الشأن المهمين في مصر باتوا يتحدثون بعضهم إلى بعض الآن، وأن الرئيس مرسي يتشاور بشأن سبل المضيِّ قدمًا، ولكننا لن نحكم مسبقًا على ما سيؤول إليه ذلك). جديرٌ بالذكر أن الرئيس محمد مرسي أصدر الخميس الماضي إعلانًا دستوريًّا يتضمن تحقيق مطالب الثورة؛ بإعادة محاكمة قتلة الثوار، ورعاية المصابين في الثورة، وحماية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى المنتخب من الحل، وتحصين قرارات الرئيس لفترة لا تزيد على شهرين، وعزل النائب العام الذي عيَّنه الرئيس المخلوع، فيما عارضت بعضُ القوى السياسية هذا الإعلان بالاعتصام في ميدان التحرير. وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن الرئيس المنتخب مرسي يجري محادثات مع المجلس الأعلى للقضاء ومع قيادات سياسية، في محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة السياسية الحادة، مشيرة إلى أن مدة هذا الإعلان لا تزيد عن شهرين، ودعت إلى (الوحدة الوطنية حول طريق المضي قدمًا، نريد أن نرى مصر تواصل طريق الإصلاح؛ للتأكد من أن أي أموال قادمة من صندوق النقد الدولي تدعم فعلاً إحياء اقتصادي ديناميكي يقوم على مبادئ السوق وإرساء الاستقرار فيه). وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني: إن (المأزق الدستوري الحالي هو وضع مصر الداخلي، وحده الشعب المصري يمكنه تسويته من خلال حوار ديموقراطي سلمي). بينما عقَّبت وفاء عمر المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي أن (الاتفاق حول الدعم المالي من صندوق النقد الدولي يقوم على السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتزم الحكومة تنفيذَها ضمن برنامجها).