رغم إعلان الولاياتالمتحدة رسميا عن سحب قواتها القتالية من العراق بنهاية شهر أوت الماضي، كشفت تقارير رسمية عسكرية حول وضع القوات الأمريكية بعد الأول من سبتمبر الحالي، عن بقاء 92 قاعدة عسكرية تحت سيطرة القوات الأمريكية، من مجموع 375 قاعدة كانت تشغلها في جوان 2009، وأن 85 من تلك القواعد تحتلها القوات الأمريكية بصورة مشتركة مع العراقيين. وحسب تلك التقارير فإن عدد القواعد العسكرية في العراق تم تخفيضه كجزء من تخفيض عدد القوات العسكرية الأميركية في العراق، وذلك بإغلاقها أو نقلها إلى أمكنة أخرى. وتشير التقارير إلى أنه في يناير الماضي، كان في العراق 112 ألف عسكري أمريكي، وبنهاية ماي، انخفض هذا العدد إلى 88 ألفاً، وفي جوان بدأ بصورة جادة تنفيذ المرحلة النهائية لتخفيض عدد العسكريين، نزولاً عند تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإنهاء العمليات القتالية. وفي 24 من الشهر الماضي أوت 2010 انخفض عدد العسكريين الأمريكيين في العراق إلى 50 ألفا، وفي 31 أوت انتهت "عملية حرية العراق"، وسوف تسمى المهمة الانتقالية الجديدة "عملية الفجر الجديد" لحين مغادرة جميع القوات الأميركية العراق في نهاية العام المقبل، حسب تلك التقارير. وحسبما ذكرت صحيفة "العرب" القطرية، تشير التقارير إلى أن لدى العراق الآن 660 ألف عنصر من قوات الأمن العراقية يعملون على ضمان أمن العراق، ورغم استغلال فترة تشكيل الحكومة بعد الانتخابات العامة، بقيت الأحداث الأمنية قريبة من المستوى الأدنى، ومنذ بداية هذه السنة، تم قتل أو تم إلقاء القبض على أكثر من 30 عضواً من القيادة العليا لتنظيم القاعدة في العراق. ويقول الأمريكيون إن تخفيض عدد القوات لا يعني تخفيض الالتزام الأميركي تجاه العراق، "بل يعني تغييراً في طبيعة تعهدنا من التزام يقوده العسكريون إلى التزام يقوده المدنيون". وتلقي التقارير الضوء على مصير المعدات العسكرية الهائلة التي استخدمتها القوات الأمريكية منذ بدء غزو العراق، وتشير إلى أنه في نهاية أغوت 2010 خفضت القوات العسكرية الأمريكية العدد الإجمالي من معداتها في العراق من 3.4 مليون قطعة كانت موجودة في يناير2009 إلى 1.2 مليون قطعة، تقول إنها ضرورية لدعم القوات العسكرية المتبقية، التي ستتشكل في ستة ألوية لتقديم المشورة والمساعدة، بالإضافة إلى قوات تمكين. ويقول الجنرال وليام وبستر، الذي يقود الجيش الثالث، ويشرف على عملية تخفيض عدد القوات العسكرية، "إنها أكبر عملية منذ عملية حشد القوات استعداداً للحرب العالمية الثانية". وحسب التقارير سوف يتم نقل المعدات إلى أحد الأمكنة الثلاثة وفق ترتيب الأولوية: إلى القوات الأمريكية المحاربة في أفغانستان، أو لإعادة تزويد المخازن العسكرية الأمريكية، أو إلى قوات الأمن العراقية، من أجل تأمين امتلاكهم الحد الأدنى من القدرة الأساسية التي تمكنهم من تولي مسؤولية الأمن العراقي، ويتم نقل معظم القوات والمعدات العسكرية من العراق عبر الكويت، لكن التقارير كشفت أن الأردن وتركيا سمحتا أيضاً بالمرور المؤقت عبر أراضيهما. وكان الناطق باسم الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية "جامع"، قال في حوار سابق مع صحيفة "العرب" القطرية: "إن بقاء قوات النخبة الأمريكية بأعداد تصل إلى حدود خمسين ألف جندي كقوات تدخل سريع مدعومة بقوة جوية ضاربة في القواعد الأميركية المنتشرة في أرجاء العراق والبالغ عددها 92 قاعدة لا يغير من صفة الاحتلال شيئاً، خاصة أن هناك أكثر من 180 ألف من مرتزقة الشركات الأمنية حسب المصادر الأمريكية المستقلة يقومون بمختلف الأعمال العسكرية، ولم تتطرق خطة الرئيس أوباما إلى انسحابها أو مستقبلها أو طبيعة واجباتها". ويرى الحافظ، أن الإدارة الأمريكية تسعى بهذه الخطوات إلى تقليل الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بقواتها في العراق وتقليص حجم النفقات المالية التي أثقلت كاهل الميزانية الأمريكية، وتخفيف الضغط الشعبي الأمريكي المُطالب بالانسحاب من العراق وعودة أبنائهم إليهم، وأنها لم تعُدْ قادرةً على خوض حربَيْن في وقت واحد، وإيهام الرأي العام بأن العراق أصبح غير محتل عبر إيجاد حكومة موالية لها تنفذ أجنداتها وتُدار من قبل السفارة الأمريكية، وهذا الشكل يتطلب قوة عسكرية تحافظ عليه من أية جهة تريد المساس بها".