حل أمس وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس بالعراق في زيارة مفاجئة هي الأولى من نوعها منذ التوقيع على الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن والتي حددت طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في هذا البلد بعد انتهاء التفويض الأممي الممنوح للقوات الأمريكية في ال31 ديسمبر الجاري. ووصل وزير الدفاع الأمريكي إلى قاعدة "أناكوندا" الجوية الأمريكية بمدينة بلد على بعد 70 كلم شمال العاصمة بغداد والتي تعد واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في العراق بعد زيارة قادته إلى أفغانستان ومملكة البحرين للقاء المسؤولين العسكريين الأمريكيين وفي مقدمتهم قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ريموند أوديرنو. وكانت آخر زيارة قام بها غيتس إلى العراق منتصف شهر سبتمبر الماضي حيث أشرف على تنصيب الجنرال اوديرنو على رأس قيادة قوات التحالف خلفا للجنرال ديفيد بيتريوس. وتأتي زيارة وزير الدفاع الأمريكي قبل أسبوعين من بدء سريان مفعول الاتفاقية الأمنية الموقعة مؤخرا بين الإدارة الأمريكية المنتهية عهدتها والحكومة العراقية وهي الاتفاقية التي كانت محل تفاوض عسير بين الطرفين لقرابة العام بسبب رفض وتحفظ العديد من الأطراف العراقية على بنودها التي رأوا فيها مساسا واضحا بسيادة الدولة العراقية. وبمقتضى هذه الاتفاقية فإن القوات الأمريكية التي يبلغ قوامها 146 ألف جندي تشرع في الانسحاب من مدن وبلدات العراق منتصف العام القادم في حين يتم الانسحاب بالكامل من الأراضي العراقية بنهاية 2011. وكان الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما تعهد خلال حملته الانتخابية بسحب كامل القوات الأمريكية المتواجدة في العراق في غضون 16 شهرا من توليه الحكم شهر جانفي القادم. ولكن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس الذي دعاه الرئيس الأمريكي الجديد للبقاء في منصبه أبدى مؤخرا معارضة واضحة لخطة الرئيس أوباما المتعلقة بسحب كامل للقوات الأمريكية في مدة أقصاها 16 شهرا. وقال بعد إعلان الرئيس أوباما باحتفاظه بمنصبه أنه قلق بشأن موضوع الجدول الزمني لسحب القوات الأمريكية. وكان الرئيس اوباما أكد أن مهمة وزير الدفاع هي إنهاء الحرب في العراق بطريقة مسؤولة وجدد رغبته في سحب كل الوحدات القتالية الأمريكية في مدة 16 شهرا مشيرا بطريقة ضمنية إلى أن هذه الخطة قابلة للتعديل من منطلق أنه سيستمع لنصائح العسكريين بخصوص الحرب في العراق. وكان الجنرال بيتريوس قائد القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق اعترف خلال الأسبوع الماضي أن الوضعية الأمنية لا تزال هشة في العراق بالرغم من تحقيق نتائج ايجابية بدليل انخفاض درجات العنف إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات في إشارة واضحة إلى رغبة الولاياتالمتحدة في إبقاء قواتها أطول وقت ممكن في العراق. من جهتها دعت الحكومة العراقية الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما إلى الالتزام بحوار مع إيران وسوريا من أجل احتواء الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.