تعتبر القيادة في فصل الشتاء من الأمور التي تتطلب دراية واسعة ومهارة كبيرة خاصة في الطقس العاصف وما يحمله عادة من مطر غزير، ضباب كثيف وحرارة متدنية، وطرق زلقة، مشكّلة بذلك عبئاً ثقيلاً على كل من السائق والمركبة فإذا أخفق السائق جهلاً أو إهمالاً باتخاذ الإجراءات المناسبة ولم يتصرف بشكل صحيح في الوقت الصحيح، فإن حياته تصبح في خطر لذا أوجب احترام جميع القوانين التي يعلمها كل الجزائريين ويتجاهلونها بصفة عمدية أو باستهتار كل يوم. ومن خلال حديثنا مع بعض السائقين حول طريقة السياقة أثناء الأمطار الغزيرة التي شهدتها مدننا في الأيام القليلة الماضية والتي أدت إلى إرباك العديد من السائقين حسب ما أفادنا به أحد المواطنين الذي أرجع السبب إلى تدني الرؤية وصعوبة السيطرة على المركبة خاصة مع بداية هطول المطر الذي يسبب انحلال الشحوم والزيوت والأتربة المترسبة على الطريق فتجعلها زلقة جداً، كما أن بعض أجزاء الطريق الواقعة في الظل وتحت الجسور وداخل الأنفاق، بسبب برودتها، تشكل بقعاً رطبة أو تجمعات مائية لا تجف بسرعة، وعندما تتدنى درجات الحرارة كثيراً أثناء الليل وفي ساعات الصباح الأولى، يتشكل الجليد الخطِر مما يستدعي انتباه السائق ومهارته في التصرف. وفي هذا الشأن اقتربنا من مصالح الأمن والدرك الوطني التي سجلت أرقاما كبيرة لحوادث المرور، ورغم دق ناقوس الخطر للحالات التي تمثل ضحايا هذا النوع من الحوادث سواء من ناحية عدد الوفيات أو بخصوص الإعاقات ورغم تعزيز القوانين للتخفيف من كوارث الطريق إلا أن الثقافة المرورية مازالت ضعيفة جدا وسط مستعملي الطريق. حيث ترجع مصالح الأمن وقوع حوادث المرور بهذا العدد الكبير إلى ضعف كبير في ثقافة استعمال الطريق من قبل السائقين، حيث أن السلامة المرورية متوقفة على مدى حسن قيادة السيارة كون ذلك يبدأ بمرحلة دخول السيارة وطريقة الجلوس والتدابير المتخذة لضمان الأمان، وبداية هذا كله يكون وفق طريقة الجلوس والتدابير المتخذة لضمان الأمان ووفق طريقة التعلم التي كانت على أيدي معلم السياقة لنجد أن ظاهرة حوادث المرور مرتبطة بسلسلة من المراحل ليكون حفظ النظام العام المروري مسؤولية مصالح الأمن والمواطن السائق على السواء، واضطراب أحد الطرفين يخلق عواقب خطيرة فقد أكد السيد زين الدين أحمد أودية رئيس الاتحادية الوطنية لمدارس تعليم السياقة بأن حصيلة القتلى جراء حوادث المرور لا تقل عن أربعة آلاف قتيل سنويا، وحسب ما أفاد به بيان الدرك الوطني فإنه في الأيام القليلة الماضية لقي 31 شخصا حتفهم وأصيب 290 آخرين بجروح وهذا ضمن 129حادث، ما جعل الجزائر تحتل المرتبة الأولى عربيا والثامنة عالميا في حوادث المرور. وحسب مصالح الأمن يبقى السبب الرئيسي وراء ذلك هي السرعة المفرطة والتجاوز الخطير وعدم احترام المسافة الأمنية وكذلك عدم احترام أسبقية السير، فهذه أهم أسباب الحوادث مع وجود حالات من المارة الذين لا يحسنون قطع الطريق بصفة حضارية، أما المسببات الأخرى التي تكون ثانوية فمنها فقدان الوعي أثناء القيادة بسبب تناول الكحول أو الغفلة أثناء القيادة أو عدم التركيز الجيد بسبب استعمال الهاتف النقال التي قد يعتبرها البعض هينة لكن مصالح الدرك الوطني وكذا مصالح الأمن قد سجلت حالات وفاة. ومن جهة أخرى وجدنا أن هناك تجاوزات خطيرة بخصوص منح رخص السياقة للمتعلمين حسب ما أفادتنا إحدى المتربصات أن رخصة السياقة لم تتحصل عليها إلا بعد محاولات عديدة من اجتياز امتحان السياقة، في حين أنها أقرت لنا أنه هناك من لم يكن مؤهلا لحيازة الرخصة إلا أنه تحصل عليها بتعاون من المدرب الأمر الذي قد يكون سببا رئيسيا في حوادث المرور التي أضحت روتينا وسط الطريق السيار نعيشها يوميا، الأمر الذي استلزم صرامة أكثر من طرف السلطات المسؤولة وفطنة من طرف المواطنين بصفة خاصة.