تعرف شوارع العاصمة هذه الأيام، وخاصّة في فترة السهرة الرمضانية اكتظاظا كبيرا، خاصة مع اقتراب العيد وكذلك الدخول المدرسي، فالأسر تفضل أن تخرج لشراء الملابس ومختلف الأدوات لاستقبال المناسبات. هذا ما جعل مختلف المحال تفتح أبوابها خلال السهرة الرمضانية، بل إن البعض منها صار لا يعلم إلا في الليل، خاصة محلات بيع الملابس التي تستقبل يوميا مئات المواطنين، ومن مختلف الأعمار كذلك، وكذلك الأسر والعائلات المرفقة بأبنائها الصغار بهدف شراء ملابس عيد، لكن الاكتظاظ وكثرة الزبائن ليست دائما في صالح التجار، بل إنّ بعض اللصوص قد يستغلونها في اختلاس ممتلكات الغير، إذ أنهم يدخلون المحلات الأكثر اكتظاظاً، حتى يختلسوا أموالا او أشياء أخرى ثمينة، او حتى بعض القطع من الملابس من صاحب المحل، وهو ما دفع بالتجار إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، حيث أنهم صاروا يوظفون أكثر من بائع في المحل الواحد، وذلك ليحكموا سيطرتهم على الوضع، ولا يسمحوا للبعض بتنفيذ مخططاتهم الدنيئة، وهو ما لاحظناه بعدما اتجهنا إلى بعض المحلات ببلكور، والتي وجدناها ممتلئة بالزبائن والباعة كذلك، والذين يعملون على الحراسة والأمن، أكثر من ستة مراهقين كانوا يحرسون المحل، منهم سليم الذي قال لنا:"إننا في المحل ستة أصدقاء، وتجمع بيننا قرابة العمومة كذلك، وفي الحقيقة فان أربعة منا لا يعملون في الأيام العادية، إنما قدمنا لمساعدة ابن عمنا الذي طلب منا أن نعمل معه خلال السهرات الرمضانية، لأنّ الزبائن يكثرون، ولأنه لا يستطيع التحكم فيهم كلهم، وبما أن الموسم الدراسي لم يبدأ بعد فقد قبلنا عرضه، وها نحن نقف طيلة ساعات الليل حتى لا تسرق السلع، وحتى لا يسرق الزبائن بعضهم بعضا، وهو الأمر الذي يحدث كثيرا في باقي المحلات، حيث أننا نسمع من الحين للآخر عن زميل لنا سرقت منه بعض السلع، بل إن البعض يستغل تواجد الزبائن ليسرقهم، وهو ما حدث في محل مقابل، حيث راح احد الأشخاص يصرخ بعدما تفطن إلى أن حقيبته سرقت منه، وقام باتهام جميع من كان بداخل المحل، ما جعل صاحبه يقفله ويبحث لدى الجميع، لكنه لم يعثر على شيء، وعلى الأرجح كان السارق قد اختفى قبل أن يتفطن الضحية إلى الأغراض التي سرقت منه". أما حسام فيقول: "أنا عامل دائم هنا، وبحكم تجربي أدرك أنني وزملائي غير قادرين على التحكم في المحل لوحدنا مع كثرة الزبائن، ففي الأيام العادية يختلف الأمر، ورغم أننا نكون اثنين، إلاّ أنّ المحل لا يمكن أن يمتلئ عن آخره، بل إنّ احدنا يترك المحل أحيانا للآخر، ويذهب للإفطار او إلى أي مكان آخر، لكن في الأيام التي يكثر فيها الزبائن، مثل هذه التي سبقت عيد الأضحى، فان الأمر يختلف تماما ونضطر أحيانا إلى توظيف أكثر من ستة أشخاص، حتى يحفظوا امن المحل وزبائنه كذلك". وفي حي باب الواد لا يختلف الوضع، بل إن اغلب المحلات وظفت أكثر من خمس او ست عمال، رغم أن مساحة تلك المحلات صغيرة، إلاّ أن ذلك لا يقيها حتما من التعرض للاختلاس، وهو ما يخبرنا به مراد، صاحب محل لبيع ملابس رجالية: "رغم أنني عمدت إلى استقدام خمس عمال، إلاّ أنّ ذلك لم يمنع بعض اللصوص من سرقة المحل، وهو ما وقع قبل أسبوع، حيث أننا تفطنا إلى أن بعض القطع ناقصة، قبل أن نتذكر الشخص الذي كان يحوم حولها، والذي أبدى لنا نيّته بالشراء، وقد اشتبهنا في أمره، إلاّ انه عرف كيف يحتال علينا، ويوهمنا بأنه زبون عادي قبل أن ينفذ خطته، وهو ما جعلني اشدد على العمال بأن يكونوا أكثر حرصاً ويقظة فيما تبقى من ليالي قبل حلول العيد".