تعتبر الأشغال المنزلية مهاما تقليدية التصقت بالمرأة منذ زمن بعيد، وهي لا تخرج في مجملها عن الكنس والطبخ والمسح والقيام بكامل الأعمال المنزلية الشاقة، بحيث تحوّلت إلى مهام أبدية ملتصقة بالمرأة حتى في أحلك الظروف، خاصة وأنه من منظور بعض الرجال أن القيام بتلك الأشغال المنزلية هو انتقاص من الرجولة ومنهم من يتنصل من مسؤوليته ويدفع عنه تعب القيام بتلك الأشغال التي لا تقدر عليها إلا المرأة ويرى أنها تفوق طاقته. تحظى فئة قليلة من الزوجات بتلك المساعدات حتى في أحلك الظروف بغض النظر على العلاقة الحميمة التي تجمع الزوجين والمودة التي تربطهما، لكن إن وصلنا إلى تلك النقطة يندلع الخلاف دون شك بينهما، خاصة وأن الطابع الرجالي الذي يميز مجتمعنا العربي، ألغى فكرة قيام الرجل بالأشغال المنزلية حتى قبل زواجه، فالأشغال هي من نصيب الأم والأخوات والتزمت تلك الفكرة بأغلب الرجال حتى بعد الزواج وراحوا إلى الاعتماد الكلي على الزوجة فيما يخص القيام بالأشغال المنزلية مما أثقل كاهلها وجعل أغلب النسوة يشتكين من الأعباء الملقاة على كاهلهن داخل الأسرة وخارجها، أحيانا بالنسبة للنسوة العاملات، أضف إلى ذلك تربية الأبناء، والتي لا تحظى بعض النسوة بمساعدة الزوج حتى من ناحية تربية الأبناء كمسؤولية صعبة في الوقت الحالي. وكأن أغلب الأزواج الجزائريين حصروا مهمتهم خارج المنزل بالعمل وتوفير القوت للأبناء ليكون المنزل فندقا للمبيت دون ترصد وتحري ما يحدث فيه بدعوى أن التعب أنهك الزوج في كامل ساعات اليوم، مما أدى إلى انعدام الحوار والاتصال داخل الأسرة الواحدة والضحية الأولى والأخيرة هي الزوجة التي وجدت نفسها تجمع بين العديد من المهام على غرار الأشغال المنزلية، تربية الأبناء وحمل أعبائهم في الصحة والمرض وأحيانا حتى العمل خارج البيت. في هذا الصدد اقتربنا من بعض النسوة المتزوجات وتركن لهن المجال من أجل التحدث عن يومياتهن مع أزواجهن فقلن الكثير، منهن أمينة ربة بيت وأم لطفلين قالت إنها تتمنى يوما ترى فيه زوجها وهو ينقص عليها وظيفة منزلية كثيرا ما ألقيت على عاتقها كالمسح أو الكنس أو حتى غسل الأواني، فزوجها هو من النوع الذي يرى في ذلك انتقاصا من رجولته خاصة وأنه ألف قبل زواجه الاتكال على أمه وأخواته في كل شيء فهو يأكل وينهض ولا يجرؤ حتى على حمل ملعقة قهوة سقطت في الأرض ووجدت كل المهام ملقاة على عاتقها. السيدة مروة هي الأخرى ذكرت أن زوجها لا يساعدها البتة، حتى وإن كانت مريضة تجد نفسها تنهض وتقوم بالأشغال المنزلية خاصة وأن زوجها كسول جدا ولا يتحمل أي عبء من باب الاتكال عليها في كل شيء حتى في أبسط الأمور. أما فريدة فقالت إن زوجها يساعدها في كل شيء وتعتمد عليه في تربية الأبناء وتزويدهم بالحليب، أو بالدواء في حال مرضهم خاصة وأنها ترى أن مسؤولية التربية وجب أن يقتسمها الزوجان معا ومن الظلم أن تتحمل المرأة كل شيء حتى تنهكها الأمراض في آخر العمر، فهي تحمل وتربي وتقوم بالأشغال المنزلية المنهكة للقوى، ومن العيب أن يقف زوجها موقف المتفرج فالبيت يبنيه اثنان وليس شخص واحد، وحمدت الله أن زوجها ليس من النوع الذي يرى في مساعدة الزوجة انتقاصا من رجولته أو تسلطا منها كما يراه البعض. لم نرد أن نغلق باب النقاش من دون إشراك الرجل باعتباره المعني الثاني في النقطة المثارة فكانت آراء الأزواج متباينة بين مؤيد ورافض لمساعدة الزوجة، منهم السيد لطفي متزوج قال إن مساعدة الزوجة هو أمر واجب بغض النظر عن الأعراف الاجتماعية التي تفرض أن الأشغال المنزلية هي من مهام المرأة، والعمل خارج البيت هو للرجل، وفي ظل تغير الظروف وبعد أن صار عمل المرأة حتمية لابد منها لمجابهة ظروف الحياة وجب أن تتغير الظروف بتغير المعطيات، وليس من العدل أن تدخل المرأة في المساء لتجد كل تلك المهام ويكون من نصيب الزوج الفرجة عليها بل لابد من إشراكه في تلك المهام، وقال إنه شخصيا يساعد زوجته في كل شيء وليس عيبا أو عارا، فحتى الرسول عليه الصلاة والسلام كان يساعد زوجته عائشة رضي الله عنها ويعاملها بمودة ورحمة فما بالنا نحن البشر الذين نستكبر أحيانا عن فعل بعض الأشياء التي لم يتعال عليها أحسن الخلق. في حين رفض البعض تلك الفكرة تماما ورأوا أن الرجل مهامه الطبيعية هي خارج البيت تهربا منهم من الأعباء المنزلية تارة وحفاظا على رجولتهم تارة أخرى على حسب آرائهم وقناعاتهم الشخصية.