تتأهّب المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا هذه الأيّام لنشر قوة عسكرية قوامها 3300 جندي على الأراضي المالية بهدف إنهاء التوتّر الأمني القائم منذ شهر مارس الفارط عقب سيطرة الجماعات المسلّحة على شمال البلاد، فيما أعلنت بوركينافاسو الدولة الحدودية مع مالي عن نيتها في إرسال كتيبة تتشكّل من 500 جنديا لمساندة الجيش الحكومي، يأتي هذا وسط تجاهل محيّر من الجزائر للتطوّرات المتسارعة التي تشهدها الأوضاع في مالي، والتي ستشكّل خطرا على منطقة الساحل بأكملها. يتزايد خطر الحرب في مالي على دول الجوار يوما بعد يوم بفعل توسّع بؤر التوتّر وتعدّد أطراف النّزاع واختلاف الأهداف، هذا إلى جانب التدخّل الأجنبي الذي جاء ليزيد الأمور تعقيدا بعد التصعيد الذي شهدته المواجهات بين الجيش المالي والجماعات المسلّحة المعارضة. وبالرغم من الخطر الذي تواجهه الجزائر باعتبارها دولة حدودية تشترك مع مالي في شريط حدودي يفوق الألف متر، إلاّ أن الجهات الرّسمية تستمرّ في تجاهل الأحداث ولو في الظاهر على الأقل، ولو نعود إلى التصريحات الرّسمية سنجد أن الدبلوماسية الجزائرية اكتفت بالتعبير عن انشغالها بالتطوّرات التي تحدث في مالي دون أن تتطرّق إلى انعكاساتها على الجزائر، بل أعربت عن تأييدها للحرب التي تشنّها فرنسا وتستعدّ دول غرب إفريقيا للالتحاق بها رغم الأخطار الجسيمة التي قد تفرزها مثل هذه الخطوة على الجزائر، لا سيّما فيما يتعلّق بانتشار الأسلحة وفرار الجماعات المسلّحة التي تملك قاعدة متينة في الجزائر، خصوصا ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، هذا زيادة عن نشاط تجارة المخدّرات وأعداد اللاّجئين التي ستتوافد على الحدود الجزائرية هربا من نيران الحرب. في هذا الوقت تستعدّ المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لنشر قوة عسكرية قوامها 3300 جندي على الأراضي المالية، حيث أعلنت بدورها مؤخّرا على لسان رئيسها الدوري الحسن واتارا (رئيس ساحل العاج) عن سماحها للقوة الإفريقية المشكّلة من 3300 جندي بالدخول إلى الأراضي المالية من أجل مساندة الجيش الحكومي في مواجهة الجماعات المسلّحة، في حين كشفت بوركينا فاسو الدولة الحدودية مع مالي بشكل رسمي أنها سترسل كتيبة تتكوّن من 500 جندي إلى الأراضي المالية لمساندة الجيش الحكومي. حيث أعلن وزير الخارجية البوركيني جبريل باسوليه في مؤتمر صحفي عقد أوّل أمس السبت أن الرئيس البوركيني بليز كومباوري، الوسيط الإفريقي في الأزمة المالية قد (أعطى تعليمات بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلّحة بالشروع في التحضير لمشاركة بوركينافاسو في قوة التدخل الدولية في مالي)، فيما أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من جهته أن بريطانيا ستزوّد فرنسا بمساعدة عسكرية لوجستية خلال تدخّلها في مالي. وأكّد بيان صادر عن مكتب كاميرون أن (رئيس الوزراء قرّر أن تقدّم بريطانيا مساهمة عسكرية لوجستية للمساعدة في نقل جنود أجانب ومعدات إلى مالي بسرعة). للإشارة، فقد أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مساء أوّل أمس السبت أن العملية التي باشرت القوات الفرنسية الخاصّة بتنفيذها مساء الجمعة لم تنته بعد وستستمرّ إلى حين تحقيق أهدافها كاملة، وقال في هذا الإطار: (مهمّتنا لم تنته بعد وهي تقضي بتمهيد الطريق أمام نشر قوة تدخّل إفريقية)، مؤكّدا أن (فرنسا لا تدافع عن أيّ مصلحة خاصّة غير الحفاظ على بلد صديق، ولا هدف لها سوى مكافحة الإرهاب، لذلك فإن تحرّكها يحظى بدعم مجمل المجتمع الدولي وترحّب به كلّ الدول الإفريقية).