يلاحظ سكان العاصمة هذه الأيام العودة التدريجية للتجارة الفوضوية على غرار حي بن عمر أو ما يعرف بالقبة القديمة الذي عاود هؤلاء التجار نشر طاولاتهم على حافة الطريق المؤدية إلى محطة بن عمر مما أصبح يعيق تنقل الحافلات الداخلة إليها، حيث يستغرق قطع 200 متر الأخيرة الموصلة للمحطة حوالي عشر دقائق بعد احتلال نصف الطريق من طرف هؤلاء الباعة الفوضويين وكذا كثرة توقف المواطنين أمام هذه الطاولات التي أصبحت تجلب إليها الزبائن من كل صوب وحدب نتيجة انخفاض الأسعار بها. صرح العديد من الباعة أنهم قد ضاقوا ذرعا من السلطات المحلية التي لم تف بوعودها بتوفير أماكن مناسبة لممارسة نشاطهم بطريقة شرعية مما اضطرهم للعودة إلى نشر طاولاتهم الفوضوية من أجل كسب لقمة العيش بدل البطالة التي عانوا منها في انتظار الحصول على الطاولات التي وعدهم بها المسؤلون رغم المطاردات اليومية ولعبة الكر والفر التي يمارسونها مع أعوان الأمن من اجل بيع منتجاتهم. كما عاد بعض الباعة بحي الهواء الجميل (لاقلاسيار) إلى النشاط كذلك رغم قلة الحركية التجارية وبالتالي الفائدة المحصلة، إلا أنها حسبهم أرحم من البطالة كما صرح لنا أحد الباعة هناك وهو من كبار السن الذي قال لنا بالحرف الواحد باللغة الدارجة (ناس بكري يقولوا اخدم بدورو وحاسب البطال والي تقولوا سلفلي قولو صرفلي) تركنا هذا الشيخ بعد أن شكرناه على لباقته وعلى هذا المثل الشعبي ثم انتقلنا إلى منطقة أخرى كانت تحتوي على أكثر من مائة طاولة للباعة الفوضويين ويقصدها المواطنون من كل أنحاء العاصمة أو هي باش جراح فلاحظنا قلة الحركية التجارية بها رغم عودة بعض الطاولات إلى النشاط، إلا أن معظمها تابع لإحدى المحلات التي ينشط بقربها مما يجعل الإقبال ضعيف على هذه السلع كون الأسعار مرتفعة بهذه المحلات، في حين أن معظم زبائن تلك الطاولات من الطبقة المتوسطة والفقيرة التي تجد في تلك الطاولات ملاذ لها للهروب من حرارة الأسعار التي زادت بعد القضاء على السوق الفوضوي هناك. انتقلنا بعدها إلى شرق العاصمة إلى بلدية الروبية التي كانت تحتوي على عدد من هذه الطاولات خاصة منها طاولات الخضر والفواكه التي تم إزالتها إلا أن هناك بعض التجار الذين أصبحوا يمارسون البيع المتنقل على متن سياراتهم وبمجرد ظهور أعوان الأمن يفرون خوفا من أن تحجز سلعهم كما عاود بعض بائعي الهواتف نشاطهم في الفترة المسائية بالقرب من قاعة سينما المتيجة. أما في قهوة شرقي ببرج البحري فإن هؤلاء الباعة خاصة أصحاب الخضر والفواكه يمارسون نشاطهم بشكل عادي وعلى الهواء الطلق رغم الانتشار الفوضوي للأوساخ والأوحال شتاء والغبار صيفا وما يمكن أن يشكله من خطر على حياة المواطنين لكن ما عساهم يفعلون في ظل انعدام البديل كسوق مغطاة ومنظمة يلجأون إليها لعرض سلعهم. .كما يجتمع بهذه المنطقة شباب الأحياء المجاورة في الفترة المسائية في سوق الخردة (الدلالة) من أجل عرض مختلف المنتجات الحرفية والقديمة والتي أصبحت بمثابة مهنة يمارسها الكثير من أرباب العائلات ذوي الدخل البسيط بغرض تحصيل القليل من الربح يساعدهم في تحمل أعباء الحياة التي أصبحت تزداد يوما بعد يوم حسب ما صرح لنا به أحد هؤلاء الباعة هناك، وبين مطرقة انعدام النظافة وسندان الأسعار يبقى المواطن البسيط ضحية الانتظار.