يُعدُّ من أهم المزارات السياحية في العالم متحف قصر الحمراء شاهد على ازدهار غرناطة وسقوطها بدأ الاهتمام بتحويل قصر الحمراء في غرناطةجنوبإسبانيا، والذي يعد تحفة معمارية، إلى متحف في عام 1870، حيث أولت الحكومة عناية خاصة لما به من مفروشات وراحت تجمع كل قديم منه في قاعات الطابق الأول، وفي النصف الأول من القرن العشرين كشفت الحفائر بقصبة الحمراء عن العديد من الآثار الأندلسية التي جمعت بالقصر ليفتتح أول متحف بالقصر العتيد في عام 1940 باسم المتحف الأثري لقصر الحمراء، وتم تعديل الاسم في عام 1962 ليصبح المتحف الوطني للفن الإسلامي الأسباني، وبدءا من عام 1994 عرف باسم متحف قصر الحمراء ووضع تحت إشراف إدارة قصر الحمراء ويعتبر من أهم المزارات السياحية في العالم سيما وأنه يروي قصة ازدهار غرناطة وسقوطها. تمتلك غرناطةبجنوب أسبانيا، وفقاً ل"الاتحاد"، عدة متاحف خُصصت لعرض المقتنيات الأثرية التي تعود لتلك المدينة عبر عصورها وخاصة التي انتجت خلال العصر الإسلامي. ومن أهم هذه المتاحف وأكثرها تخصصا متحف قصر الحمراء، الذي يحتل سبع قاعات من قصر كارلوس الخامس إذ يعرض فقط ما عُثر عليه في أطلال قصبة الحمراء، التي كانت مقرا لملوك بني نصر وآخر ما سقط من مدن الأندلس بأيدي ملوك أسبانيا في عام 1492م. ورغم أن القصر ظل يعرف رسميا باسم قصر الملك كارلوس الخامس، فقد تمَّ مؤخرا الرضوخ للحقيقة التاريخية ليسمى مرة أخرى باسم قصر الحمراء تماما كما كان يعرف منذ وضع لبناتِه الأولى السلطانُ الأمازيغي باديس بن حبوس في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري. زخارف جدارية شهد قصر الحمراء تطورا معماريا كبيرا منذ اتخذه سلاطين النصريين مقرا لحكمهم لآخر ما تبقى من المدن الأندلسية بحوزة المسلمين في منتصف القرن السابع الهجري، ثم استولى الإسبان عليه وأصبح يعرف لاحقا باسم قصر كارلوس، وتبعا لذلك أجريت به بعض التعديلات المحدودة أبرزها تحويل المسجد الملحق بالقصر إلى كنيسة سانتا ماريا. ومن العجيب أن نافورات قصر الحمراء حول بهو الأسود كانت تتدفق منها المياه في أوقات معلومة من الليل والنهار، فلما حاول الإسبان استكشاف كيفية عملها، خربت النافورات ولم يُعرف سرها إلى اليوم. ويستطيع الملايين من زوار هذا المتحف التمتع بزخارف الجص والرخام التي يحفل بها كل ركن، فضلا عن التحف الفنية التي آلت إلى ملكية ملوك أسبانيا وما كشفت عنه حفائر قصبة الحمراء. ومن أجمل الزخارف الجدارية بالمتحف لوحة من الجص الملون تحوي شعار ملوك بني نصر بخط النسخ الأندلسي، وهو عبارة «لا غالب إلا الله» وقد سُجل في شريطين بأعلى وأسفل اللوحة بشكل متكرر، وتنقسم اللوحة إلى قسمين؛ الأول منهما محصور بين شريطين ضيقين من الزخرفة الهندسية وبه ما يمكن اعتبارُه عقوداً لمحاريب متكررة بداخلها زخارف جصية بارزة لونت مناطقها الغائرة باللون الأحمر واللون الأسود بالتبادل وهي تحوي زخارف نباتية من الأرابيسك أو الفروع والأوراق النباتية المتداخلة. أما القسم الثاني فبه زخارف هندسية نجمية على مهاد من الزخارف النباتية وقد مُلئت أضلاع الزخارف النجمية بكتابة بالخط الكوفي تسجل شعار بني نصر "لا غالب إلا الله". ومن أبدع الزخارف الجدارية التي تعرض بالمتحف لوحات من الفسيفساء الخزفية تعلوها إطاراتٌ من الجص بها بخط النسخ «الملك لله القدرة لله العز لله»، بينما قسمت تلك اللوحات لثلاثة أقسام أوسطها أوسعها وقد زين بقطع صغيرة من الزليج أو الخزف بالألوان البيضاء والزرقاء الداكنة والفاتحة والأصفر وقوام الزخرفة، في هذا القسم تتلألىء الزخارف الهندسية المركبة بدقة والمعروفة في الفن الإسلامي باسم زخارف الأطباق النجمية، وهي في غاية الدقة والجمال الفني. ويحيط بهذا القسم الأوسط من أعلى ومن أسفل شريطان ضيقان بهما زخارف هندسية من دوائر متداخلة نُفذت بالفسيفساء الخزفية الدقيقة، وبثلاثة ألوان فقط هي الأصفر والأزرق الداكن والأزرق الفاتح. أثاث وجِرار من قطع الأثاث الخشبي التي كانت موضع عناية ملوك أسبانيا بعض الأبواب التي كانت بقصر الحمراء وفي مقدمتها باب لإحدى القاعات وهو من مصراعين من الخشب الجيد المزخرف بالتطعيم بالعاج. ويتسم عملُ الفنان في زخرفة هذا الباب بمقر هائل من الدقة والرقي الفني، حيث اعتمد على حفر الزخارف الهندسية الشديدة التعقيد في الخشب ثم نحت العاج على هيئة شرائح صغيرة ليوضع بدقة في أماكن الزخارف المحفورة بغرض منح الباب قيمة مادية أكبر، فضلا عن القيمة الفنية والجمالية الناجمة عن التباين بين لون الخشب البني الداكن والعاج بلونه الكريمي الهادئ. وقوام الزخرفة في هذا الباب الثمين أشكال مركبة من الأطباق النجمية المتداخلة وهي ذات تصميم هندسي فريد لا يوجد له مثيلٌ خارج الأندلس، حيث حرص الفنان على أن يحصر كل طبق نجمي بداخل إطار مستطيل نفذ بالعاج. ومما يستحق الانتباه أن الوجه الداخلي للباب لم يخلُ من الزخرفة، وإن جاءت أقل كثافة إذ اكتفى المزخرف بصنع إطار ضيق من العاج بأطرافه الأربعة زخارف هندسية متداخلة، وبأعلى كل مصراع زخرفة هندسية عبارة عن شكل نجمي من العاج محصور بداخل نجمة ثمانية الأطراف، نفذت هي الأخرى باستخدام أسلوب التطعيم بالعاج. ويشتهر متحفُ قصر الحمراء بين المتاحف العالمية بأنه أحد المتاحف الستة التي تمتلك جرة كاملة من تلك الجرار التي تعرف في الفن الإسلامي باسم جِرار الحمراء. وتتميز الجِرار من هذا النوع الذي كان ينتج في مالقة ميناء مملكة غرناطة في القرنين الثامن والتاسع للهجرة بأنها مشابهة لجرار الخمر، التي شاع إنتاجُها في الأندلس وشمال إفريقيا في القرنين الرابع والخامس للهجرة وذلك من ناحية الشكل الكمثري الذي ينطلق من قاعدة ضيقة مستوية، وينتهي بعنق طويل جدا على جانبيه مقبضان على شكل جناحي. والحقيقة أن تلك الجرار الرقيقة والتي يصل طول بعضها إلى 1,70م لا يمكن تصوُّر أنها كانت تُستخدم لحفظ أو تداول الخمور بل هي برسومها توحي بأنها كانت جرار للماء، وإن كان علماء الفنون يعتقدون أنها كانت تستخدم بغرض تزيين المشكوات في جدران القصور. ونظرا لمرور عصور على عدد من تلك الجرار كاملة أو غير مكتملة في قصبة الحمراء فقد عرفت باسم جرار الحمراء. وقد صنعت الجرة الكبيرة التي يعتز متحف قصر الحمراء باقتنائها من الخزف ذي البريق المعدني الذهبي اللون مع إضافة اللون الأزرق أيضا إلى رسومه. وقوام زخرفة الجرة رسم لغزالتين متقابلتين بأعلى البدن الكمثري الضخم ويلي ذلك زخارف نباتية باتجاه القاعدة تفصلها عن القسم العلوي كتابة بخط النسخ متكررة تحوي شعار بني نصر ملوك غرناطة «لا غالب إلا الله». وتزدان المقابض وكذلك فوَّهة الجرة بزخارف نباتية وهندسية وكتابية متنوعة ومما له مغزاه أن الخزافين الأسبان بل والأوروبيين قاموا خلال القرنين السابقين بتقليد هذه الجرة وغيرها من جرار الحمراء وما زالت تباع في صالات المزادات الفنية بمبالغ كبيرة رغم عدم أصالتها. وللترويج السياحة وزيارة هذا القصر التاريخي العظيم، أعلنت إدارة متحف قصر الحمراء أنها ستتيح الزيارة المجانية للمتحف في الأحد الثاني والثالث من كل شهر، تحت إشراف متطوعين لشرح معالم الحضارة الإسلامية في إسبانيا، على أن تختتم الزيارات المجانية في شهر ديسمبر من كل عام بشرح للعملات الإسلامية الأندلسية. * شهد قصر الحمراء تطورا معماريا كبيرا منذ اتخذه سلاطين النصريين مقرا لحكمهم لآخر ما تبقى من المدن الأندلسية بحوزة المسلمين في منتصف القرن السابع الهجري، ثم استولى الإسبان عليه وأصبح يعرف لاحقا باسم قصر كارلوس، وتبعا لذلك أجريت به بعض التعديلات المحدودة أبرزها تحويل المسجد الملحق بالقصر إلى كنيسة سانتا ماريا. ومن العجيب أن نافورات قصر الحمراء حول بهو الأسود كانت تتدفق منها المياه في أوقات معلومة من الليل والنهار، فلما حاول الإسبان استكشاف كيفية عملها، خربت النافورات ولم يُعرف سرها إلى اليوم.