بعد أن مر شهر رمضان الكريم، وصام كل مسلم أو حاول فيه إيمانا واحتسابا، راح آخرون يطمعون في نيل ثواب مضاعف، فراحوا يصومون الست أيام من شوال، التي يطلق عليها "أيام الصابرين". لكن "أيام صابرين" هذه السنة ليست ك"أيام صابرين" السنوات الماضية عند البعض، فالكثير من المواطنين الذين كانوا يصبرون على صيام الست أيام من شوال، ويفعلون ذلك مباشرة بعد انقضاء الشهر، قرروا هذه السنة أن يصوموا تلك الأيام متقطعة او على فترات، وذلك للمشقة التي وجدوها في الصيام والحرارة لا تزال مرتفعة مقارنة بالفصل، فمنهم من صام أياماً وترك أخرى لنهاية الشهر، فربما تكون الحرارة قد انخفضت قليلا، او على الأقل فان ساعات النهار تكون قد تقلصت، وهو ما يخفف شيئا من وطأة الجوع والعطش، أما آخرون ففضلوا أن يصوموا تلك الأيام متقطعة، أي كل يومين، وهناك من تجلد وصبر وصامها بشكل عادي. الكثير من المواطنين كان رمضان بالنسبة إليهم شاقا هذه السنة، نظرا لتوافقه مع فصل الصيف الشديد الحرارة، ورغم أن الحرارة لم تبلغ ذروتها إلا في بعض الايام خاصة الأخيرة من شهر أوت، إلاّ أن البعض شعر بأنه كان أصعب رمضان قضوه في حياتهم، وهو ما جعلهم يفكرون في أن يجزؤوا أيام الصابرين التي اعتادوا على صومها مرة واحدة، وهو ما أكده لنا بعض المواطنين الذين التقيناهم، والذين اعتاد اغلبهم أن يصوم أيام الصابرين من كل سنة، تقول بهية، 38 سنة، ربة بيت: "منذ أزيد من عشرة سنوات وأنا أصوم أيام الصابرين، ولم أتخل عنها أبدا، ولكني هذه السنة أحسست بإرهاق كبير بعد نهاية شهر رمضان، وأحسست أنني غير قادرة على مواصلة الصوم، خاصة وأنني كنت مريضة نوعا ما، وخشيت أن يتطور مرضي، لهذا فضلت ألاّ أصوم أيام الصابرين مرّة واحدة، بل على فترات متقطعة، وربما لن أكملها حتى نهاية شهر شوال، لأنني في الحقيقة متعبة حقا، وفي النهاية فان ديننا دين يسر وليس دين عسر، و قد أجاز لنا بل أمرنا أحيانا بأن نترك ما لا طاقة لنا به"، أما سعاد فقد صامت أول يومين بعد العيد، لكنها لم تستطع الاستمرار، وفضلت أن تفطر ثم تواصل الصوم في آخر شهر شوال، حيث تكون الحرارة قد انخفضت، او على الأقل هذا ما تتمناه، تقول: "حاولت جهدي أن أخالف عادتي في السنوات الماضية، وان أصوم الست أيام متتالية، لكني في النهاية لم استطع الصبر، وأفطرت في اليوم الثالث، رغم أنني لم اشعر بأنّ رمضان كان شاقا، ولكن الله يمنحنا خلال الثلاثين يوما من رمضان صبرا ومقدرة كبيرتين، تجعلنا لا نشعر بمشقته، ولم أجد كل ذلك الجلد من نفسي بعد رمضان، ولهذا فضلت أن ارتاح قليلا قبل أن أواصل الصوم"، كما انه يوجد من المواطنين من فضل تحمل المشقة، وصيام الست أيام التي تلي العيد مباشرة لأنه يعتبر ذلك من قوة الإيمان، يقول لنا نبيل، 18 سنة: "لن أتوقف عن الصوم حتى تنتهي الايام الست، لأن ذلك يشعرني بأنني قد فعلت شيئا للتقرب من الله، فصحيح أنني قادر على تأجيل تلك الايام، لكني أفضل ألاّ افعل، خاصة وأنني أخشى إن أنا أجلتها إلى نهاية الشهر، ألا أصومه، ويفوتني الأجر وكل شيء".