تقرير دولي يؤكّد: فساد الحكومة يحرم العراق من ثرواته أكّد تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية ومركزه العاصمة البريطانية لندن أن العراق الذي وصلت موازنته إلى قرابة 119 مليار دولار لهذا العام لا يمتلك منها إلاّ ما يحوِّله صندوق النّقد الدولي من إيرادات بيع النّفط في صندوق تنمية العراق. التقرير أشار إلى أن الاقتصاد العراقي يعاني منذ فترة من تقلبات حادة في سعر صرف الدينار انعكست بشكل واضح على الوضع الاقتصادي للمواطن العراقي، وعزا التقرير ذلك إلى عمليات غسيل الأموال والفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة العراقية، والتي أدت إلى خسارة العراق قرابة ثلاث مليارات دولار خلال شهرين فقط في العام الماضي 2012، وبيَّن أن البنك المركزي العراقي أعلن في أوت من العام الماضي أن احتياطياته من العملة الصعبة بلغت 67 مليار دولار أمريكي في حين أن الحكومة العراقية تعلن أن الأرصدة الوقائية في صندوق تنمية العراق بلغت 18 مليار دولار. أمّا احتياطي البنك المركزي من الذهب فقد انخفض بمقدار 20 % خلال أقلّ من عام من قرابة 39 طنّا في العام 2011 إلى 31 طنّا في العام 2012، وفي حين يتهم البعض رئاسة البنك المركزي الحالية بالمسؤولية عن اختفاء عشرة أطنان من احتياطي الذهب يحتاج العراق إلى هذه الاحتياطيات لتعزيز قيمة الدينار العراقي في أسواق المال أرصدة في الخارج. المركز العالمي للدراسات التنموية أوضح أن بعض الجهات النّافذة في الحكومة العراقية تسعى إلى الاستفادة من فوائض إيرادات النّفط لاستغلال الاحتياطيات التي بناها العراق خلال السنوات العشرة الماضية لتعظيم أرصدتها في الخارج. ويُعدُّ انخفاض احتياطي البنك المركزي أمرا خطيرا بالنسبة للاقتصاد العراقي كونه اقتصاداً ريعيا يعتمد على إيراداته من مبيعات النّفط، الأمر الذي يعني افتقار العراق لهامش المرونة لمواجهة تقلّبات أسعار النفط العالمية والحفاظ على التوازن الاقتصادي المطلوب. ويضيف التقرير أن الحكومة العراقية من جهتها ما برحت تعلن منذ أعوام عن وجود عجز في الموازنات العراقية في حين أن هذه الموازنات كانت دوما تحقّق فوائض نتيجة بيع النّفط بسعر أعلى من الذي حُدّدت على أساسه، وبسبب ارتفاع صادرات النّفط العراقي وعدم تنفيذ الحكومات المحلّية لكامل التزاماتها. وأشار المركز إلى أن العراق لا يتمكّن من الاستفادة من مخصّصات الاستثمار أو الفوائض المالية إلاّ بعد أن يُصرف له ذلك من قبل صندوق النقد الدولي الذي يوعز ل (صندوق تنمية العراق) بتحويل هذه المبالغ إلى البنك المركزي العراقي. وفي الوقت الذي تصل فيه الموازنة الاستثمارية للعام 2013 إلى ما يقارب 47 مليار دولار، تشكو مجالس المحافظات من قلّة التخصيصات المالية لإنجاز المشاريع. وفي نهاية كلّ عام تقوم ذات المجالس بإعادة الأموال التي خُصّصت لها إلى وزارة المالية حتى إن الأموال المدوَّرة بلغت أكثر من 50 مليار دولار في حين أن نسب الإنجاز في بعض المحافظات بلغت 6 % فقط. كما أشار التقرير إلى أن عجز الحكومة العراقية عن الاستفادة من أموالها في (صندوق تنمية العراق) وحاجتها إلى الحماية الدولية من الدائنين حوَّلها إلى حكومة أشبه بحكومة تصريف أعمال لدفع الرواتب فقط. وأكّد المركز العالمي للدراسات التنموية أن الواقع المتخبّط والفوضى في الاقتصاد العراقي وانتشار الفساد المالي والإداري تحتّم وجود شفافية في حسابات أموال العراق في صندوق تنمية العراق في البنك الفيدرالي الأمريكي. ويعدُّ هذا الأمر غاية في الأهمّية، خاصّة مع ضياع مليارات الدولارات من هذه الأموال في فترات سابقة وتضارب التصريحات حول حجم هذه المبالغ والاحتياطيات التي تُعتبر ملكاً للأجيال القادمة من الشعب العراقي.