تراجع أسعار النفط سيجبر الدولة على اللجوء إلى احتياطي الصرف لشراء السلم الاجتماعي حذر الخبير الاقتصادي، بشير مصيطفى، من دخول اجتماعي صعب، في ظل التوقعات بارتفاع التضخم الخاص بالمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع إلى أكثر من 10 بالمائة شهر سبتمبر، في سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها في الجزائر، مؤكدا أن الجبهة الاجتماعية قلقة جدا من سياسة التقشف التي تدرس الحكومة آلياتها خلال اجتماع مجلس الوزراء نهار اليوم. قال الخبير الاقتصادي، بشير مصطيفي، ل”الفجر”، إن المعطيات الأخيرة للاقتصاد الجزائري وما تعرفه الأسواق العالمية من ركود رهيب، خاصة بعد إعادة تصنيف الاقتصاد الألماني كأكبر اقتصاد في أوروبا و تراجع الاقتصاد الفرنسي هذا العام بنقطتين وتوقعات بتراجعه ب8 نقاط كاملة العام المقبل، لا يبشر بالخير على صعيد الجبهة الاجتماعية في الجزائر، خاصة مع تراجع أسعار البترول ب20 دولار ووجود أكثر من 3 ملايين برميل بترول كفائض يومي لن يساعد مطلقا على عودة الأسعار إلى طبيعتها بما يحفظ الراحة المالية للميزانية الجزائرية، التي تعتمد عليه في مداخليها بما يتجاوز 96 بالمائة، وأن الجزائر ستتنفس الصعداء قليلا خلال الفترة الشتوية، لكن الأمور لن تدوم طويلا. وأكد الدكتور مصيطفى أن الدخول الاجتماعي المقبل سيكون صعبا جدا، بالنظر إلى المؤشرات الاقتصادية، حيث تجاوز التضخم الخاص بالمواد الاستهلاكية مع نهاية شهر فيفري 9.7 ومن غير المستبعد أن يتجاوز 10 بالمائة شهر سبتمبر بعد الزيادة المسجلة في الأسعار بما يفوق 25 بالمائة، وهي سابقة في تاريخ الجزائر، لأن تجاوز التضخم ذو الرقمين هذه النسبة يشكل خطرا كبيرا على الجبهة الاجتماعية، خاصة مع تسارعه من شهر إلى شهر رغم أن المعرف اقتصاديا أنه يزيد من سنة إلى أخرى، زيادة على ذلك فالإحصائيات التي قدمها الديوان الوطني للإحصاء تدعو فعلا للقلق بعد تسجيل 15 مليون بطال، 96 بالمائة من المؤسسات التجارية غير منتجة، 50 بالمائة من العمال في السوق الموازية، لأن الجزائر للأسف تتوفر اليوم على سوقين موازيين، أحدهما للسلع والآخر للموظفين.وأضاف ذات الخبير الاقتصادي أن تراجع أسعار النفط ب20 مليون دولار مؤخرا والتوقعات بتراجعه مستقبلا إذا استثنينا الفترة الشتوية، أجبر الدولة على اعتماد سياسة التقشف، وهذا ما أقلق الجزائريين، رغم أنها لن تمس الدخول الاجتماعي المقبل، لأنها ستدرج ضمن قانون المالية للعام 2013 . وأفاد الدكتور أن المؤشرات حول سوق النفط، تؤكد أنه يستحيل أن تعود الأسعار إلى الارتفاع مجددا، بما يحقق الراحة المالية للاقتصاد الجزائري، مع وجود فائض يتراوح بين 2 و3 مليون برميل من البترول ومن الصعب امتصاص هذا الفائض مع الركود الاقتصادي الذي عصف بمنطقة الأوزون، خاصة و أنه لأول مرة منذ اندلاع الأزمة في 2008 تعيد وكالة موديس للتصنيف الائتماني، منذ نحو أسبوع تصنيف الاقتصادين الألماني والهولندي. والمعروف أن ألمانيا أول دولة صناعية في أوروبا، زيادة على ذلك عدل البنك العالمي في آخر تقرير له توقعاته حول النمو في عدة بلدان، حيث توقع أن يتراجع النمو في فرنسا العام المقبل بنحو 8 نقاط كاملة، وهذا يؤكد أن الاقتصاد العالمي يسير نحو التقليل من الإنتاج الصناعي. وحول قدرة الدولة على تطبيق منطق شراء السلم الاجتماعي بالأموال مستقبلا، أكد محدثنا أن الدولة تملك عدة حلول، والأمر لا يتعلق كما يتوهم الكثيرون بالميزانية، إذ يمكنها أن تسحب من أموال صندوق ضبط الإيرادات الذي يتوفر على 68 مليار دولار، أو صندوق احتياطي الصرف الذي يوجد به 800 مليار دولار، أو حتى 80 مليار دولار الخاصة بالسندات الخارجية الأمريكية، مشيرا في ذات السياق إلى احتياطي الجزائر من الذهب الذي يبلغ 100 طن. هكذا سيعيش الجزائريون في ظل التقشف ويؤكد خبراء اقتصاديون أن الجزائر تضررت كثيرا بعد تراجع أسعار النفط من 134 دولار إلى 104 دولار أي بتراجع قدره 20 دولار تخسر يوميا ما قدره 4500 ألف دولار يوميا عن كل دولار.وستستهدف موازنة التقشف في الغالب أحد أو بعض هذه المجالات، في انتظار ما سيتمخض عنه اجتماع مجلس الوزراء اليوم، الأجور الموجودة، الوعود برفع الأجور، تسريح العمال من مؤسسات القطاع الخاص، رفع الدعم عن أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، التقليل من نفقات الضمان الاجتماعي، مناصب الشغل، البرنامج الخماسي لرئيس الجمهورية، ومدى تأثيره على الوحدات السكنية المبرمجة، فرض ضرائب على الأرباح ما يهدد القطاع الخاص الذي يبحث عن امتيازات أكبر.