عنصرية البوذيين ضد المسلمين تتصاعد سريلانكا على خطى بورما منذ نحو شهرين، تتزايد المضايقات التي يتعرض لها مسلمو سريلانكا، ذات الأغلبية البوذية من حيث سكانها، خاصة بعد تحريض رهبان بوذيين على الكراهية وتطالب بمقاطعة المتاجر التي يملكها المسلمون، بما في ذلك استهداف المظاهر الإسلامية مثل ارتداء المسلمات للحجاب. في الشهر الفائت، شنت بعض الهجمات على سلسة أزياء في مدينة كولومبو أكبر مدينة صناعية وعاصمة التجارة والثقافة في البلاد، وقد تسبب تصاعد هذه الهجمات ضد المسلمين في إثارة المخاوف من اندلاع موجة عنف عرقية في البلاد التي لم تتعاف بعد من الحرب الأهلية بين الحكومة وجبهة نمور التاميل. في أحد شوارع العاصمة كولمبو، كانت تمشي أربع مسلمات فتعرض لهن بعض الرجال وطلبوا منهن خلع العباءات التي كن يرتدينها مستخدمين ألفاظا نابية مبتذلة، كما طالبوهن بالرحيل من البلاد، كما رفض سائق حافلة في حادثة أخرى قطع تذكرة لسيدة مسلمة ترتدي النقاب ما لم تخلع نقابها، بعدما قالت له إحدى الراكبات البوذيات أنها لن تكون في حافلة واحدة مع مسلمة، وعندما رفضت المسلمة خلع النقاب طلب منها النزول وانتظار حافلة أخرى. بعد سلسلة من الحوادث الخطيرة، بما فيها من أعمال استفزازية للبوذيين المتطرفين ضد المسلمين، أصبحت حياة المسلمين في سريلانكا في خطر، حيث قالت امرأة مسلمة تعمل مُدرِّسة (إن استهداف المرأة التي ترتدي عباءة إسلامية أو حجابا أمر مثير للقلق ونخشى أن نسير وحدنا في الطرقات)، كما اتفقت معها مسلمات كثيرات يشعرن بالقلق من الحملة العنيفة لحظر ارتداء العباءات والحجاب. في هذا الصدد، قالت عاملة بريد تدعى رابية صديقي (في الوقت الذي لا نعرف فيه مدى فاعلية هذه المحاولات بشكل شامل، أدت تلك الأفعال إلى شعورنا بعدم الارتياح)، لكن الشابة التي تبلغ من العمر 29 عاما، تستدرك وتقول (المشاعر المعادية للمسلمين تقتصر على عدد محدود ولا تعني أن الغالبية يتبنون هذا النهج العدائي). بينما يقول رضوان محمد، صاحب محل بقالة في وسط العاصمة كولومبو (المبيعات في تراجع كبير منذ شهر جانفي الماضي، لأن مؤسسة (بودو بالا سينا) البوذية وزعت ملصقات في مختلف أنحاء البلاد تدعو الناس إلى مقاطعة المتاجر التي يملكها المسلمون، وهددوا بارتكاب أعمال عنيفة ضد من يفعل ذلك). وتحت أنظار التغطية الإعلامية الرسمية والتلفزيون السريلانكي، قاد رهبان بوذيون هجوما ضد مخزن ملابس يملكه مسلمون، ورشقوا بالحجارة مخزنَ ملابس سلسلة (فاشون باغ) التي تحظى بشعبية وسط الشعب السريلانكي، مكيلين الإهانات لأصحاب المتجر المسلمين وهاجموا الصحافيين الذين يريدون تغطية الأحداث. في ذات السياق، قال أزاد سالي، من قادة المسلمين في المجتمع (لقد انتهوا للتوّ من الهجوم على التاميل بدون حل أي من الأزمات والمشاكل، والآن هم في سبيلهم لاصطياد المسلمين، تقريبا جميع الأقليات في البلاد مهددة)، وقد استطاع الرهبان البوذيون نشرَ هذا الخطاب المعادي للمسلمين بين أوساط الشباب من خلال الخطابات المثيرة ونظريات المؤامرة التي انتشرت في وسائل الإعلام الاجتماعي. وقد وثقت جماعة إسلامية، لم تفصح عن اسمها خوفا من الانتقام منهم، حوالي 33 هجوما ضد المسلمين منذ سبتمبر 2011 والتي تشمل خمس هجمات أخيرة على دور العبادة الإسلامية والهجوم على الشركات والمحال التجارية التابعة للمسلمين، بالإضافة إلى مهاجمة ماركة (حلال) التي طالب البوذيون بوقف تصديرها بزعم أنها تجبر المواطنين على الأكل منها والسعي لاستصدار قانون يمنع المسلمات من ارتداء الحجاب. لا شك أن هذه الحملات أثارت الرعب في نفوس المسلمين الذين يشتبهون في الحكومة بأنها لا ترفض حمايتهم فحسب، لكنها تتورط بجدية في هذا التوتر، وهي الاتهامات التي نفتها الحكومة السريلانكية جملة وتفصيلا، لكن هذه الاتهامات تطورت بعدما وقفت الشرطة موقف المتفرج من الهجوم على سلسلة (فاشون باغ). وبعد التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع السريلانكي جوتابايا راجاباكسا مدافعا عن الرهبان البوذيين _ على حد قوله- بأنهم دوما (يوفرون الحماية للبلاد والدين والثقافة). ودائما يسيرون في المسار الصحيح)، حيث وصف محمد سالم، عامل مسلم دفاع الوزير عن الرهبان بأنه (مثير للقلق والريبة). وبرغم التنديد الواسع من العديد من المنظمات والهيئات العالمية الإسلامية وغير الإسلامية، فإنها لن تكفي في وقف موجة العنف إن اندلعت ولابد من التحرك سريعا قبل أن تسير سريلانكا على خطى جارتها بورما، وما حدث للمسلمين هناك ليس بخاف على أحد. * في أحد شوارع العاصمة كولمبو, كانت تمشي أربع مسلمات فتعرض لهن بعض الرجال وطلبوا منهن خلع العباءات التي كن يرتدينها مستخدمين ألفاظا نابية مبتذلة، كما طالبوهن بالرحيل من البلاد، كما رفض سائق حافلة في حادثة أخرى قطع تذكرة لسيدة مسلمة ترتدي النقاب ما لم تخلع نقابها، بعدما قالت له إحدى الراكبات البوذيات إنها لن تكون في حافلة واحدة مع مسلمة، وعندما رفضت المسلمة خلع النقاب طلب منها النزول وانتظار حافلة أخرى.