"يا ابن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب" حديث إسرئيليات وغير صحيح (يا اِبنَ آدمَ خَلَقتُكَ لِلعِبَادةَ فَلا تَلعَب، وَقسَمتُ لَكَ رِزقُكَ فَلا تَتعَب، فَإِن رَضِيتَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ أَرَحتَ قَلبَكَ وَبَدنَكَ، وكُنتَ عِندِي مَحمُوداً، وإِن لَم تَرضَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لأُسَلِّطَنَّ عَلَيكَ الدُنيَا تَركُضُ فِيهَا رَكضَ الوُحوش فِي البَريَّةَ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَكَ فِيهَا إِلا مَا قَسَمتُهُ لَكَ، وَكُنتَ عِندِي مَذمُومَا). هذا الكلام منقول عن بعض كتب بني إسرائيل، نقله كعب الأحبار أو غيرُه، فنسبه بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم خطأ أو عمدا، إذ لم يرد هذا الحديث في شيء من كتب السنة، ولم يرد بسندٍ حتى ينظر في صحته أو ضعفه، فلا يجوز الجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وكل من نقله أو ذكره في كتابه إنما ينسبه لآثار بني إسرائيل أو التوراة، كما فعل ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (8/52)، وابن القيم في (الجواب الكافي) (ص/141)، وابن كثير في (تفسير القرآن العظيم) (7/426). وقال الأبشيهي في (المستطرف) من كتب النوادر والأدب (1/153): (روي أن هذه الكلمات وجدها كعب الأحبار مكتوبة في التوراة فكتبها، وهي:...- فذكر رواية أطول من المذكور في السؤال) انتهى. وقد حكم الشيخ ابن عثيمين عليه بقوله: (غير صحيح). وبناء على ذلك.. فلا يصح نسبة هذا الكلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يجوز التحديث به للعظة والاعتبار، مع بيان أنه ليس من حديث النبي صلى الله عليه وسلم في شيء، روى أحمد وأبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج. ويغني عن هذا الأثر، الحديثُ الصحيح الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ.. تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَيْكَ شُغْلاً، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ) رواه الترمذي (2466) وحسنه ابن مفلح في (الآداب الشرعية) (3/262)، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (16/284) والشيخ الألباني في (السلسلة الصحيحة) (1359).