ساهم في تألّق "الخضر" جمال زيدان يتعذّب.. أنقذوه من كربته يحفظ كثير من أفراد الجمهور الرياضي الجزائري عن ظهر قائمة اللاّعبين الذين مثّلوا الجزائر في مونديال الأندلس عام 1982، بل كلّنا نعرف التشكيلة الأساسية التي زلزلت الأرض تحت أقدام الألمان، الحارس سرباح وأمامه منصوري ومرزقان وقريشي وفندوز وبعدهما نجد دحلب وفرفاني وبلومي وعلى الجناحين نجد ماجر وعصّاد، لكن من هو اللاّعب الذي لعب كرأس حربة في الخطّ الهجومي، أكيد قد تعرفونه، إنه جمال زيدان، المهاجم الذي لقّبه الألمان بالثعلب الماكر. اللاّعب الجزائري الوحيد الذي تمكّن من التسجيل في بلاد الازتيك المكسيك أمام المنتخب الإيرلندي الشمالي. هذا هو زيداننا الأصلي ولد جمال زيدان وليس (زيزو) الفرنسي في الثامن والعشرين من عام 1955، أي قبل ثلاثة أيّام من دخول الثورة الجزائرية المجيدة نصفها الثاني، وكان مولده بحي الأبيار الشعبي، عرف منذ نعومة أظافره بحبّه وولعه الشديد بالجزائر، فكان من بين براعم الجزائر الذين شاركوا في الثورة التحريرية، حيث عرف بذكائه الخارق وكرهه للفرنسيين، الأمر الذي استعان به المجاهدون البواسل في العام الأخير من الثورة التحريرية بنقل الرسائل. فكان من البديهي أن يخرج زيدان وعلى غرار أبناء الجزائر في الخامس من شهر جويلية عام 1962 إلى شوارع العاصمة حاملا الرّية الوطنية ويغنّي بالجزائر حرّة عربية. أوّل إجازة رسمية ل (زيدان) كانت مع اتحاد العاصمة بعد بلوغه سنّ الثانية عشر أمضى زيدان على أوّل إجازة رسمية فكانت مع فريق اتحاد العاصمة، وهو الفريق الذي كانت عائلته تناصره، الأمر الذي جعل الابن زيدان ينشأ في بيئة جميع أفراد عائلتها (إيسميست). جمال زيدان عرف بمهارته الفائقة في لعبة كرة القدم قبل بلوغه سنّ العاشرة، حيث كان لوحده يهزم فرق أحياء منطقته كونه يجيد المراوغات وصاحب القذفات الصاروخية التي كثيرا ما أفقدت وعي حراس المرمى. شهرة جمال زيدان سبقته قبل أن تتمّ ترقيته إلى فئة الأكابر، فطريقة لعبه كما سبق الذكر فرضت على مسيّري اتحاد العاصمة ترقيته إلى فئة الأكابر، حيث لعب أوّل مباراة رسمية إلى جانب الرئيس الحالي لاتحاد العاصمة سعيد علّيق وعمره لا يتعدّى الثامنة عشر، ورغم صغر سنّه إلاّ أنه استطاع أن يفرض مكانته في فريق كان من الصعب جدّا أن يلعب فيه لاعب وهو لا يتجاوز الثامنة عشر أساسيا في منصب قلب هجوم. تسع سنوات في فريق "سوسطارة" امتدّت مسيرة جمال زيدان في فريق اتحاد العاصمة لمدّة تسع سنوات، من عام 1967 إلى عام 1976، سجّل فيها أهدافا لا تعدّ ولا تحصى، لكن جميع أهدافه خاصّة مع صنف الأكابر الذي لعب له ثلاثة مواسم جانبت حلاوة التتويج، حيث لم يحالف الصغير جمال زيدان الحظّ في معانقة ولو مرّة واحدة كأس الجزائر. لعب جمال زيدان لأكابر اتحاد العاصمة لثلاثة مواسم، من 1972/1973 إلى غاية موسم 1975/1976، سجّل فيها ما مجموعه 28 هدفا، في موسمه الأوّل في صنف أكابر، والذي تزامن مع نزول الفريق إلى الدرجة الثانية سجل سبعة أهداف، وقد ساهم بأهدافه هذه في عودة الاتحاد إلى القسم الأوّل، وفي الموسم الموالي ارتفع عدد أهدافه إلى تسعة أهداف، الأمر الذي جعله ينال رضا المدرّب الوطني آنذاك رشيد مخلوفي، حيث وجّه له الدعوة للمشاركة في دورة الصداقة العربية بالجماهيرية الليبية. وبعد أن تأقلم جمال زيدان مع بطولة القسم الوطني الأوّل كان من البديهي أن ترتفع أهدافه، حيث سجّل في الموسم الثالث اثني عشرة هدفا، الأمر الذي جعله محلّ إعجاب الكثير من رؤساء النوادي آنذاك، لكن الشابّ زيدان الذي كان يبلغ من العمر 21 سنة فضّل الهجرة إلى فرنسا. زيدان في فرنسا بعد أن أرعب جمال زيدان المدافعين والحرّاس حمل حقيبته في سرّية تامّة متّجها إلى ديار الغربة فرنسا، ولم يخبر والديه إلاّ بعد أن أمضى على إجازة لنادي كورياي الفرنسي المنتمي إلى الدرجة الثالثة، وهو الفريق الذي لم يتأقلم معه، حيث اعترضته الكثير من العوائق والمشاكل بسبب العنصرية التي كان ينتهجها مدرّب الفريق المسمّى جورج أيلي وهو من مواليد مدينة خنشلة، حيث حرم جمال زيدان من التألّق بسبب إبقائه على كرسي الاحتياط. حيث كانت له اتجاهات عنصرية، فحتى وإن لم يكن يظهرها للعيان إلاّ أنه في داخله كان يتّسم بالعدوانية، الأمر الذي عرقل مسيرة جمال زيدان، وهو الأمر الذي دفع جمال زيدان في نهاية الموسم الكروي 1976/1977 إلى مغادرة ليس نادي كورياي فحسب، بل مغادرة الأراضي الفرنسية والانتقال إلى الجارة بلجيكا، حيث أمضى على إجازة لنادي نيكلاس. زيدان في بلجيكا بعد أن حطّ رحاله بالأراضي البلجيكية قرّر جمال زيدان الانضمام إلى أحد النّوادي الهاوية واسمه (إيكلو KFC Eeklo)، ونظرا لمستوى لاعبيه ومستوى البطولة التي كان ينتمي إليها هذا الفريق استطاع أن يسجّل في موسم واحد 32 هدفا، وكان بإمكانه رفع غلّته من الأهداف إلى أكثر من واحد وثلاثين هدفا لولا إقالة المدرّب أولد إيماندوسويغ، وكان خليفته روبير مار فرنسي الجنسية وراء المشاكل التي تعرّض لها زيدا، الأمر الذي جعله يغادر النّادي بالرغم من صعوده إلى الدرجة الثالثة. حيث انتقل زيدان في الموسم الرياضي 1978/1979 إلى نادي سانت إيكلاس وهو من الدرجة الثانية. فبعد بداية صعبة عانى فيها ابن فريق اتحاد العاصمة الأمرّين سرعان ما تأقلم مع منافسة بطولة الدرجة الثانية، حيث سجّل لوحده خلال مرحلة العودة 12 هدفا، يضاف إليها الهدفان اللذان سجّلهما في مرحلة الذهاب، ما دفع إدارة النّادي على التراجع عن قرارها السابق بالتخلّي عن زيدان، حيث تمّ الاحتفاظ به، كيف لا وهو الذي أنهى ترتيب الهدفين في الفريق في المرتبة الثانية وبفارق هدف واحد عن بون أنربوخ وهو ألماني الجنسية. في الموسم الموالي سجّل زيدان سبعة عشر هدفا فتوّج بلقب هدّاف الفريق، الأمر الذي دفع مسيّري نادي كورتري المنتمي إلى الدرجة الأولى إلى شراء عقده قبل سنة من إتمامه، وكان يعدّ نادي كورتري آنذاك من بين أقوى النّوادي البلجيكية وكان شبح النّوادي الكبيرة كالأندرلخت ونادي بروج وستندار لياج، ودام بقاء زيدان في نادي كورتري أربعة مواسم كاملة إلى غاية موسم 1983/1984، حيث غادره إلى نادي واتر شاي من الدرجة الأولى. سجّل جمال زيدان في أوّل موسم له مع نادي كورتري ثلاثة عشر هدفا، وفي الموسم الموالي تدنّى مستواه بسبب إصابة كان قد تعرّض لها في إحدى الحصص التدريبية، الأمر الذي جعل حصيلة أهدافه لا تتعدّى السبعة، لكن وبعد الوجه الرّائع الذي قدّمه في مونديال إسبانيا مع المنتخب الوطني كرّر عدد الأهداف التي وقّعها في أوّل موسم له مع النّادي، حيث سجّل ثلاثة عشر هدفا، وكان بإمكانه رفع العدد إلى أربعة عشر هدفا لولا إخفاقه في تسجيل ضربة الجزاء التي أهدرها في آخر لقاء من عمر البطولة البلجيكية أمام نادي بروج الذي انتهى بدون أهداف. حرمانه من اللّعب لفريق كير أثّر إلى حدّ كبير على معنويات جمال زيدان الذي لم يحالفه الحظّ في آخر موسم له مع فريق (الثلج) الاسم الذي كان يشتهر به نادي كورتري للون لباسه النّاصع البياض، حيث سجّل ستّة أهداف فقط، الأمر الذي جعله يقرّر الرّحيل عن نادي كورتري تاركا وراءه سجِّلا حافلا بالأهداف، ليلعب لنادي واترشاي من الدرجة الأولى الذي سجّل له سبعة عشر هدفا، سبعة أهداف الموسم الأوّل 1984/1985 وستّة أهداف في الموسم الموالي وأربعة أهداف في الموسم الثالث والأخير، لينتقل بعدها إلى نادي ساك الهاوي إلى غاية اعتزاله لعبة كرة القدم عام 1990 ليدخل بعدها عالم (البزنسة) ويفقد ما حقّقه من ثروة مالية طائلة، حيث وجد نفسه في القاع وكأنه لم يحترف اللّعبة إطلاقا. زيدان وقصّته مع "الخضر" قصّة ابن اتحاد العاصمة مع الفريق الوطني بدأت قبل أن يحترف اللّعبة في فرنسا أو في بلجيكا، حيث استدعاه المدرّب الجزائري رشيد مخلوفي في اللّقاء الودّي الذي خاضه منتخبنا الوطني أمام المنتخب الألباني الذي لعب يوم 8 جانفي 1975 وانتهى لمصلحة الفريق الوطني الجزائري بنتيجة عريضة أربعة أهداف دون ردّ، وكان حينها جمال زيدان يبلغ من العمر 21 سنة وثمانية أشهر. وبعدها، توقّفت مسيرة جمال زيدان مع الفريق الوطني إلى أن تمّ تعيين المدرّب الرّوسي روغوف على رأس العارضة الفنّية للمنتخب الوطني خلفا ل (خالف محي الدين"، وذلك للمشاركة في اللّقاء الهام الذي خاضه زملاء بلومي في العاصمة النيجيرية لاغوس برسم ذهاب الدور الأخير من اقصائيات مونديال إسبانيا. زيدان.. آلام في ليبيا وفرحة في إسبانيا كان جمال زيدان ضمن قائمة اللاّعبين المشاركين في كأس أمم إفريقيا، حيث تمّ اختياره من طرف المدرّب محي الدين خالف، لكن إدارة ناديه كورتري رفضت تسريحه، لكن بعد تدخّل جهات عليا استجاب رئيس فريقه موريس بارتر. زيدان لم يفرح الجزائريين في دورة ليبيا بعد إخفاق المنتخب في لقاء الدور نصف النّهائي أمام المنتخب الغاني الذي انتهى لمصلحة هذا الآخر ب (3/2) بعد الوقت الإضافي، لتسيل دموع زيدان كما سالت دموع الكثير من الجزائري تألّما لضياع الكأس الإفريقية التي كانت بين أيدي لاعبينا. لكن آلام التحسّر والخيبة بالفشل في انتزاع كأس أمم إفريقيا بليبيا عوّضها زيدان بدموع الفرح، خاصّة في اللّقاء الأوّل أمام ألمانيا، حيث لعبه زيدان أساسيا، فحتى وإن لم يهزّ شباك الحارس شوماخر إلاّ أنه أقلق الدفاع الألماني بقيادة كالتز، ويرجع إليه الفضل في الهدف الأوّل الذي سجّله رابح ماجر، حيث مرّر كرة على طبق من ذهب إلى بلومي الذي كان بإمكانه هزّ شباك شوماخر لولا ارتطام الكرة بصدر هذا الأخير قبل أن تجد قدم ماجر الذي أسكنها الشباك بطريقة فنّية رائعة. زيدان لعب اللّقاء الموالي أمام النمسا، لكنه لم يقدّم ما كان منتظرا منه، ممّا اضطرّ الطاقم الفنّي إلى تعويضه خلال اللّقاء الأخير أمام الشيلي بلاعب مولودية وهران آنذاك التاج بن سحاولة. وبعد مونديال الأندلس واصل جمال زيدان مسيرته مع (الخضر)، حيث امتدّت إلى غاية مونديال المكسيك عام 1986. البطاقة الفنّية ل "جمال زيدان" الاسم: جمال اللّقب: زيدان تاريخ الميلاد: 28 / 04 / 1955 بالجزائر العاصمة المنصب: قلب هجوم عدد المشاركات الدولية: 15 مقابلة أوّل مقابلة دولية: أمام مالطا جانفي 1975 آخر مقابلة دولية: أمام إسبانيا جوان 1986 الأندية التي لعب لها جمال زيدان من 1967 إلى 1976 اتحاد الجزائر. من 1976 إلى 1977 نادي كوراي الفرنس من الدرجة الثالثة. من 1977 إلى 1978 نادي إيكلو البلجيكي الدرجة الرّابعة. من 1978 إلى 1980 سانت نيكلاس البلجيكي من الدرجة الثانية. من 1980 إلى 1984 نادي كورتري البلجيكي من الدرجة الممتازة. من 1984 إلى 1987 وأترشاي البلجيكي من الدرجة الممتازة.