شهر يغفل عنه كثير من الناس شعبان مقدمة للشهر الفضيل .. 2 أسماء رمضان ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرِع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن، ليحصل على التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.. وروي بإسناد ضعيف عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال:(كان المسلمون إذا دخل شعبان أكبُّوا على المصاحف فقرؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان). وقال الحسن بن سهيل: (قال شعبان: يا رب جعلتني بين شهرين عظيمين، فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن)، ويا من فرّط في الأوقات الشريفة وضيّعها، وأودع الأعمال السيئة، وبئس ما استودعها: مضى رجب وما أحسنت فيه وهذا شهر شعبان المبارك فيا من ضيّع الأوقات جهلاً بحرمتها أفق واحذر بوارَك فسوف تفارق اللذات قهراً ويخلي الموت كرهاً منك دارَك تدارك ما استطعت منَ الخطايا بتوبةِ مخلصٍ واجعل مدارَك على طلب السلامة من جحيم فخير ذوي الجرائم من تدارَك وفي ذكر نصف شعبان: خرّج الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي والنّسائي وابن ماجه وابن حبّان في صحيحه.. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان) وصححه الترمذي. فقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث، ثم في العمل به؛ فمنهم من قال: إنه حديث منكر، ومنهم من قال: إنه منسوخ.. وقد أخذ به آخرون منهم الشافعي وأصحابه، ونهوا عن ابتداء التطوع بالصيام بعد نصف شعبان، لمن ليس له عادة، ووافقهم بعض المتأخرين. - فأما صيام يوم النصف منه: فغير منهي عنه، فإنه من جملة الأيام البيض الغر المندوب إلى صيامها من كل شهر، وقد ورد الأمر بصيامه من شعبان بخصوصه، ففي سنن ابن ماجه - بإسناد ضعيف- عن سيدنا علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كانت ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفرٌ [لي] فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا، حتى يطلع الفجر)... وروى البيهقي بسند جيد فقال: عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فصلى وسجد وأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض.. فلما رأيت ذلك قمت وحركت أنامله فتحرك، فرجعت، فسمعته يقول: (اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) فلما سلّم، قال لي:( يا عائشة أظننت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خاس بك).. فقال: لا والله يا رسول الله، ولكني ظننت أنك قد قبضت [أي لطول سجوده وعدم تحركه]؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعلمين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال:(إنها ليلة النصف من شعبان، يطّلع الله عز وجل فيها على عباده فيقول: ألا هل من مستغفر فأغفر له؟.. ألا هل من سائل فأعطيه؟.. ألا هي من داع فأستجيب له؟.. ويؤخِّر أهل الأحقاد كما هم...). وخرّج الإمام أحمد من حديث سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليطّلع إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين: مشاحن، أو قاتل نفس). وليلة النصف من شعبان كان التابعون يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة؛ وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها. وقال الشافعي: بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: ليلة الجمعة، والعيدين، وأول رجب، ونصف شعبان.. وروي عن كعب قال: إن الله يبعث ليلة النصف من شعبان جبريل عليه السلام إلى الجنة فيأمرها أن تتزين، ويقول: (إن الله تعالى قد أعتق في ليلتك هذه عدد نجوم السماء، وعدد أيّام الدنيا ولياليها، وعدد ورق الشجر، وزنة الجبال، وعدد الرِّمال). - وعن عطاء بن يسار قال: (ما من ليلة بعد القدر أفضل من ليلة النصف من شعبان، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده كلهم، إلا لمشرك أو مشاحن أو قاطع رحم). فيا من أعتق فيها من النار هنيئاً لك هذه المنحة الجسيمة، ويا أيها المردود فيها، جبر الله مصيبتك، فإنها مصيبة عظيمة.. بكيت على نفسي وحُقَّ لي البكا وما أنا من تضييع عمري في شكِّ لئن قلتُ إني في صنيعي محسنٌ فإني في قولي لذلك ذو إفك ليالي شعبانٍ وليلة نصفِهِ بأيةِ حالٍ قد تنزّلَ لي صَكِّي وحقي لعمري أن أديم تضرُّعي لعل إله الخلق يسمح بالفكِّ فينبغي للمؤمن أن يتفرّغ في تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب، وستر العيوب، وتفريج الكروب، وأن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لتكون له نوراً وإماماً يوم القيامة، وأن يقدِّم على ذلك كله التوبة؛ فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب، وإن العارفين بالله لينصحون بقراءة سورة يس ثلاث مرات بين صلاة المغرب والعشاء، وكلما قرأ مرة دعا بدعاء ليلة النصف من شعبان وهو: (اللهم يا ذا المنّ ولا يمنُّ عليه، يا ذا الجلال والإكرام، ويا ذا الطّول والإنعام، لا إله إلا أنت، ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين.. اللهم إن كنت كتبتني عندك شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مقتّراً عليّ في الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي، واجعلني سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات. إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شعبان المكرّم، التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم، أن تكشف عنا من البلاء والوباء ما نعلم وما لا نعلم، وما أنت به أعلم إنك أنت الأعز الأكرم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم... فقم ليلة النصف الشريف مصلياً فأشرفُ هذا الشهر ليلةُ نصفِهِ فكم من فتىً قد بات في النِّصف غافلاً وقد نسخت فيه صحيفةُ حتفِهِ فبادر بفعل الخيرِ قبل انقضائه وحاذر هجوم الموت فيه بصرفِهِ وصم يَومَها لله وأحسن رجاءهُ لتظفرَ عند الكربِ منه بلطفِهِ ويتعيّن على المسلم أن يجتنب الذنوب التي تمنع من المغفرة، وقبول الدعاء في تلك الليلة، كالشرك، وقتل النفس، والزنا والشحناء. وإن من أفضل الأعمال: سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها، لعموم المسلمين، وإرادة الخير لهم ونصيحتهم، وأن يحبّ لهم ما يحبّ لنفسه، وقد وصف الله تعالى المؤمنين عموماً بأنهم يقولون: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر10] .../ ... يتبع