يرغب الأطفال الصغار في أن يلبي الوالدان نداءهم على الفور، وكثيرا ما يحدث ذلك في الوقت الذي يكون فيه الآباء مشغولين للغاية وليس لديهم متسع من الوقت، فيلبون نداء أطفالهم في عجلة من أمرهم. غير أن هذا الإيقاع المحموم يزيد الطفل توترا وصراخا، ويعد تحلي الآباء بالهدوء الحل الأمثل لتهدئة الأطفال وإكسابهم صفة الصبر. وتشرح خبيرة تربوية أن الطفل الصغير يرغب دائما في أن يكون والداه رهن إشارته، فلذلك هو لا يصبر على تنفيذ طلباته، إذ يشد ثياب أبيه أو أمه ويضرب الأرض بقدميه منفجرا في البكاء والصراخ كي يلبى طلبه فورا. وأضافت أن هذا السلوك يتسبب في إزعاج الآباء وإثقال كاهلهم، ولاسيما إذا كانوا مشغولين بتأدية إحدى مهام المنزل كالطهي أو ترتيب المشتريات، مما يجعلهم يحاولون الإسراع في إنجاز تلك المهام من أجل تلبية طلبات طفلهم. نتيجة عكسية ولكن الإسراع في الاستجابة للطفل سيأتي بنتيجة عكسية، إذ لن يعلمه الصبر بل ويزيد توتره. وعوضا عن ذلك، توصي خبيرة أخرى الأم بإشراك الطفل في ما تعمله عندما يطلبها، كأن تطلب منه إحضار أكياس الخضار، لاسيما وهي منشغلة بتحضير مائدة الإفطار وهذا يشعره بالسعادة والرضا ويسهم في القضاء على استعجاله لأمه ويعلمه الصبر، وهو في شهر الصبر لاسيما إذا حال سنه دون إشراكه في هذه العبادة السنوية. وتؤكد خبيرة تربية أخرى أن العجلة في الاستجابة للطفل لا تساعد على تهدئته مطلقا، بل غالبا ما تزيد توتره، إذ عندما يلاحظ وقوع أمه تحت الضغط العصبي سيزيد صراخه وبكاؤه. ولذلك من الأفضل أن تحاول الأم التحلي بالهدوء في مثل هذه المواقف، وأن تقول عبارات واضحة لطفلها، وتستعين ببعض المواعظ والدعية لتلقنها إياه، وبذلك سيمكنها إلزام طفلها بالصبر على طلبه حتى تنتهي من مهامها. وأشارت إلى أنه يفضل أن تحتضن الأم طفلها في هذا الوقت وتحاول تهدئته بأن تشرح له أنه لا وقت لديها الآن، وأنها منشغلة بتوفير حاجيات والده وإخوته الكبار بعد يوم شاق من الصيام إذ يسهم شعور الطفل بهدوء أبويه في تهدئته. ويعمد الأطفال الصغار بطبيعتهم إلى اكتشاف العالم من حولهم، فنجدهم يهتمون مثلا بتعلم كيفية فتح سحّاب الملابس، ومعرفة كيفية إدخال القدم داخل الحذاء على نحو سليم، بل ويحاولون مرارا وتكرارا تعلم ارتداء الملابس بأنفسهم. ولكن تعامل الأطفال يختلف من طفل إلى آخر، فبعضهم لا ييأس على الإطلاق من محاولة إدخال قدمه في الحذاء مثلا، إذ يستمر في ذلك مهما طال به الوقت حتى ينجح، بينما يحبط البعض الآخر إذا ما باءت محاولته الأولى بالفشل ويلقي بالحذاء غاضبا في زاوية الغرفة. وتلفت مختصة إلى أن إصرار الأطفال على إنجاز هذه المهام بأنفسهم راجع إلى أنهم لا يمكنهم معرفة المهام التي يصعب عليهم تأديتها، فالكل بالنسبة لهم سواء، لذلك قد يصابون بالإحباط عند الإخفاق في إنجاز ما يريدونه. ولذلك على الآباء مساعدة طفلهم وجعله أكثر صبرا على تعلم هذه المهارات، إذ عليهم اطلاع الطفل على أنه عادة لا ينجح الإنسان في تعلم أي شيء من المرة الأولى، وأن عليه تكرار المحاولة، وهذا يهيئ الطفل للإقدام على المحاولة والتجربة للمرة الثانية وهو سعيد بذلك. وعادة ما يختار الأطفال الأوقات غير المناسبة من أجل تنفيذ محاولاتهم، فمثلا يريد الطفل تجربة ارتداء حذائه بنفسه وقت ذهاب الأب أو الأم إلى العمل، أو حال انشغال الأم بالأعمال المنزلية وعندها تنصح بتعليمه الصبر بأن تقول له مثلا (سأقوم أنا الآن بربط الحذاء، ولكن يمكنك بعد الظهيرة أن تجرب ذلك بنفسك وعندها سيصطحبك والدك إلى المسجد للمشاركة في أداء الصلوات). وأخيرا ينبغي على الآباء التحلي بالصبر إذا ما أرادوا تعليمه لطفلهم، وهذا يتطلب منهم أن يصبروا عليه ويعطوه وقتا كافيا لاكتشاف العالم من حوله، إضافة إلى أن يدعوا الطفل يلعب بهدوء دون إزعاجه بشكل متكرر، لاسيما ونحن في شهر الصبر.