يفضل الكثيرون من الرجال أخذ عطلتهم السنوية في شهر رمضان ولكل واحد منهم أسبابه الخاصة، منهم من يتفرغ للعبادة واكتشاف هواياته المكنونة، خاصة أولئك الذين يسعون إلى إثبات قدراتهم وإضفاء جو مفعم بالحيوية، وذلك من خلال وضع بصماتهم الخاصة على الأطباق المحضرة للإفطار، أين يلجأ الكثير من الرجال إلى تبادل الأدوار مع الزوجات سواء برغبة منها أو دونها، من خلال التدخل في أدق التفاصيل والشروع في تحضير كل ما يرغبون به من مأكولات وأطباق، في الوقت الذي ينام فيه البعض الآخر طيلة اليوم إلى أن تحين ساعة الإفطار. إنه عراك شبيه بصراع الكنة مع الحماة أين يصنع هذا التصرف جوا من المنافسة وحب فرض الوجود، إذ تلجأ الكثير من الزوجات أمام رغبات أزواجهن في الإشراف على أمور الطبخ في التنازل عن ملكية خاصة، وأمام هذه الضغوطات التي قد تتعرض لها المرأة داخل المطبخ من قبل زوجها في أجواء مشحونة ومتوترة مع هذا الزوج الفضولي المنساق وراء رغباته اللامتناهية، الأمر الذي ينهك المرأة هذا حسب ما صرحت لنا به العديد من النساء سواء العاملات منهن أو الماكثات بالبيت. من خلال جولتنا الاستطلاعية التي قمنا بها والتي كشفت لنا معاناة هؤلاء النسوة اللواتي التقينا بهن بسوق الخضر والفواكه بالأبيار، فبمجرد دخول شهر رمضان تختلف طريقة التفكير مع أزواجهن خاصة المدخنين والمدمنين على شرب القهوة، حيث أقرت لنا السيدة (آمال) أنها أمضت شهر رمضان السابق بعناء نتيجة أخذ زوجها إجازته من خلال قولها: (أكره تلك الإجازة السنوية التي يأخذها زوجي كل عام في شهر رمضان، حيث أضطر إلى تجنب الاحتكاك به حتى لا أقع في مشادات مهما كان نوعها، والتي تكون في أغلب الأحيان لأمور تافهة يقوم بافتعالها من أجل مضايقتي والترويح عن نفسه، مما جعلني أجبره على العمل هذه السنة وأخذ عطلته بعد رمضان)، وفي الموضوع نفسه أجابتنا سيدة أخرى كانت بالمحل نفسه أين سارعت إلى التدخل، حيث لفت انتباهها حديثنا عن الموضوع فتقول: (لا يكف زوجي عن التدخل في الأمور الخاصة بالمطبخ والمأكولات المتعلقة بإعداد مائدة رمضان، حيث يحتل مكاني في إعداد لائحة الطعام التي يشتهيها في النهار، ولا يتوانى عن ملء ثلاجة المنزل بأنواع هائلة من المقبلات ومنها الحلويات التقليدية)، ثم تضيف: (أفضل العمل في هذا الشهر على البقاء في المنزل حتى أتجنب الصدام مع زوجي الذي ينزعج لأتفه الأسباب، حيث يقوم بدور المراقب أثناء قيامي بأعمال المنزل و ينتقدني لأبسط الأمور). تابعنا سيرنا في الرواق نفسه وتركناهن منهمكات في متابعة الحديث عن هذا الموضوع الذي أثار حفيظتهن لنواصل سيرنا، حيث صادفنا السيدة (ليلى) التي لم يمض على زواجها سوى أشهر قليلة تقول: (لقد واجهت مشاكل مع زوجي في الأيام الأولى من رمضان نتيجة جهلي لما يحب وما يكره، باعتبارنا متزوجين جدد، والأمر الذي زاد من الطين بلة هو لجوء زوجي إلى مقارنتي بأمه، ولا يتفانى في مفاضلة أمه عني مما يسبب لي القلق)، لكن العكس وجدناه عند (نسيمة) التي دخلت القفص الذهبي حديثا تقول: (بالرغم من أنني عاملة وأقطن مع حماتي وحماي، حيث يقوم زوجي بمرافقتي في كل صغيرة وكبيرة إلا أنه لا يلح علي في إعداد كل ما يشتهيه، بل يلجأ في بعض الأحيان إلى مساعدتي في إعداد الطعام خاصة في الأيام الأولى لرمضان). ليبقى الوضع يختلف باختلاف العائلة والتركيبة الذهنية للأزواج، فإن كان البعض منهم يحتلون المطبخ من أجل التكفل بإعداد الطعام والتمتع بمساعدة الزوجة، هناك من يحتله لخلق المشاكل وإرباك الزوجة لا أكثر، أو ربما للتسلية وتمضية الوقت.