بعد أن صنع أمجاد الفريق الوطني والعديد من الفرق التي حمل ألوانها حين كان لاعبا ها هو اليوم يوجد تحت طائلة العقوبة لسنة كاملة جرّاء الانصياع لمدرّب المولودية السابق عمر غريب بمقاطعة حفل تسليم جوائز نهائي كأس الجزائر الأخيرة أمام اتحاد العاصمة. بغض النّظر عن العقوبة المسلّطة على جمال مناد، يستحقّ ابن حي الأبيار كلّ الثناء والتقدير لما قدّمه كلاعب وكمدرّب للكرة الجزائرية. لهذا إرتأينا أن نسرد لكم المسيرة الكاملة ل (جمال منّاد) في أقلّ من صفحة رغم أنه يستحقّ أكثر من ذلك، كيف لا وهو اللاّعب الذي لم ينج منه أيّ حارس مرمى إلاّ وهزّ شباكه، فاسالوا كيف فعل بالرّاحل المصري ثابت البطل في نهائيات كأس أمم إفريقيا التي احتضنتها بلادنا عام 1990 وهي النّهائيات التي فعل فيها جمال منّاد الأفاعيل بحرّاس المرمى، ما جعله يتوّج بلقب الهدّاف رقم واحد بخمسة أهداف. ولد في مدينة البيّض ولد جمال منّاد يوم 22 جويلية 1960، فضّل والده الرّحيل عن مدينة بوابة الصحراء إلى الجزائر العاصمة والاستقرار فيها نهائيا بعد أن وجد كلّ متطلّبات الحياة الرّغيدة، كيف لا والكثير من العائلات الجزائرية التي كانت تسكن المناطق النّائية إبّان الاحتلال الفرنسي كانت تفتقر إلى أدنى شروط الحياة، إذ كان الكثير منها لا يجد ما يسدّ به رمقه. الانطلاقة من شبيبة الأبيار كما هو الشأن بالنّسبة للكثير من أبناء حي الأبيار، كانت وجهة جمال منّاد فريق شبيبة الأبيار، فعند بلوغه سنّ الرّابعة عشر أخذه والده إلى هذا الفريق، ثلاث سنوات في شبيبة الأبيار كانت كافية ليصنع لنفسه اسما في عالم كرة القدم. ونظرا للاهتمام الكبير التي كانت تحظى به البطولة الشبّانية، خاصّة وأن بعض المباريات منها كانت تلعب كرفع الستار لمباريات الأكابر فقد اكتشف الجمهور الرياضي عبقرية هذا الفتى الذي لم يكن يتجاوز الخامسة عشر من العمر، حيث كان يجيد تسجيل الأهداف بطريقة اللاّعبين الكبار، خاصّة وأن اللّه عزّ وجلّ أنعم عليه بحدس كبير وبقدمين من ذهب ورأس صنع به بعد ذلك أفراح الجزائريين. كثرة الأهداف التي كان يسجّلها مع صنفي الأصاغر والأشبال سمحت له بترقيته إلى صنف الأواسط رغم أن سنّه لم يتجاوز السادسة عشر، ورغم صغر إلاّ أنه سنّه لعب أكثر من لقاء في صنف الأكابر، الأمر الذي جعله محلّ أطماع العديد من الفرق العاصمية، كالمولودية والاتحاد والنّصرية. لكن والدة منّاد فضّل أن يلعب ابنه جمال لفريق شباب بلوزداد، كان ذلك في صائفة عام 1977. منّاد في شباب بلوزداد في 22 جويلية 1977 فضّل جمال منّاد الانتقال إلى شباب بلوزداد، لعب في أوّل موسم له مع الشباب بعضا من المباريات ضمن الأكابر، لكن وبالنّظر إلى الأسماء اللاّمعة التي كانت تزخر بها تشكيلة الشباب لم يشارك في المباراة النّهائية التي لعبها الشباب أمام اتحاد العاصمة وفاز بها فريق منّاد بضربات الجزاء بعد انتهاء الوقت الرّسمي والإضافي بالتعادل السلبي. سنوات التألّق في الشباب شكّل فوز شباب بلوزداد بكأس الجزائر لعام 1978 قفزة نوعية في مسيرة الشابّ جمال منّاد، حيث توسّعت شهرته، خاصّة بعد أن تمّت المناداة له للمنتخب الوطني للأواسط الذي كان يشرف على تدريبه الشيخ عبد الحميد كرمالي. خاض جمال منّاد في الموسم الموالي العديد من المقابلات مع أكابر شباب بلوزداد، فحتى وإن لم يكن سنّه يتجاوز الثامنة عشر إلاّ أنه فوق الميدان كان أشبه باللاّعبين الكبار، وممّا زاد في تألّقه مع أكابر الشباب تلك اللّقاءات التي كان يخوضها مع المنتخب الوطني للأواسط في إطار تصفيات كأس العالم للأواسط التي جرت أدوارها النّهائية في اليابان في نهاية صائفة 1979. بعد عودة جمال منّاد من اليابان حيث شارك مع المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم، قرّر مواصلة اللّعب لفريق الشباب الذي فتح له أبواب التألّق. لكن في الوقت الذي راح فيه أنصار الشباب يفتخرون بنجمهم الصاعد جمال منّاد قرّر هو مغادرتهم إلى فريق شبيبة القبائل وهذا في مطلع موسم 1980/1981، تاركا وراءه بصمات لازال أنصار حي (العقيبة) يتذكّرونها إلى حدّ اللّحظة. منّاد في شبيبة القبائل بعد تألّقه في شباب بلوزداد خطفه مدرّب شبيبة القبائل آنذاك محي الدين خالف، حيث كان وراء انتقاله إلى فريق الشبيبة الذي يعرف آنذاك باسم (جومبو جات) نظرا لما كانت تزخر به تشكيلة المدرّب خالف محي الدين الذي كان في نفس الوقت مدرّبا للمنتخب الوطني. لعب جمال منّاد لشبيبة القبائل على مرحلتين، المرحلة الأولى امتدت من عام 1890 إلى عام 1986 والمرحلة الثانية بعد عودته من عالم الاحتراف من عام 1995 إلى 1997، والمجموع تسع سنوات كاملة نال فيها ابن مدينة البيّض كلّ شيء، خمس بطولات ومرّة واحدة كأس الجزائر عام 1986 وثلاثة كؤوس إفريقية، كما توّج أكثر من مرّة بلقب أحسن هدّاف للبطولة الوطنية، الأمر الذي يجعله من بين اللاّعبين القلائل الذي نال ما لم ينله أمثاله من اللاّعبين. منّاد في عالم الاحتراف بعد مونديال بلاد الأزتيك في صائفة عام 1986 دخل جمال منّاد عالم الاحتراف، والبداية كانت مع فريق نادي نيم الفرنسي الذي لعب له موسمين، لينتقل بعدها الفتى إلى البرتغال، حيث لعب هناك لأكثر من فريق، البداية كانت مع نادي فماليكاو لينتقل بعدها إلى بالينانس، كما لعب لنادي آريا وهو من الدرجة الثانية. بعد ستّ سنوات في عالم الاحتراف بفرنسا والبرتغال، طار منّاد إلى بلد البترول المملكة العربية السعودية، حيث لعب لفريق النّصر السعودي موسمين، ليعود من حيث غادر الجزائر نحو عالم الاحتراف إلى فريق شبيبة القبائل. لم يحقّق جمال منّاد في عالم الاحتراف ما حقّقه مثلا رابح ماجر أو مصطفى دحلب، الأوّل مع نادي بورتو والثاني مع الباياسجي والسبب كونه لعب لفرق متواضعة. العودة إلى الحنين قبل اعتزال جمال منّاد الكرة نهائيا في نهاية التسعينيات لعب لفريق اتحاد العاصمة، قادما من فريق شبيبة القبائل بعد أن أهدى هذا الأخير كأس الكؤوس الإفريقية عام 1995 بفضل الهدف الذي وقّعه في المباراة النّهائية أمام فريق من نيجيريا. مسيرة منّاد مع "الخضر" لعب جمال منّاد للمنتخب الوطني حوالي 18 سنة كاملة، البداية كانت في عام 1976 مع المنتخب الوطني للأشبال ثمّ مع منتخب الأواسط، إلى منتخب الأكابر الذي لعب له حوالي 90 مقابلة دولية بين الرّسمية والودّية. شارك جمال منّاد مع المنتخب الوطني للأواسط في نهائيات كأس العالم باليابان عام 1979 تحت إشراف المدرّب عبد الحميد مخلوفي إلى جانب نخبة من اللاّعبين الكبار نذكر منهم حسين ياحي وجنّادي والحارس عصماني. لم يخيّب جمال منّاد ثلاثي المنتخب الوطني سعدان روغوف ومعوش في أولمبياد موسكو، حيث قدّم وجها طيّبا بالرغم من أن سنّه لم يكن يتجاوز العشرين. أوّل لقاء لعبه منّاد في الأدغال الإفريقية مع المنتخب الوطني كان في خريف عام 1980 بالعاصمة السيراليونية فريتاون برسم ذهاب الدور الأوّل لمونديال إسبانيا وتمكّن من تسجيل هدفين، علما بأن اللّقاء انتهى بالتعادل (2/2)، وهو التعادل الذي فتح الأبواب للفريق الوطني بالتأهّل إلى الدور الثاني بعد الفوز الساحق في لقاء الذهاب (3/0) بملعب 19 جوان بوهران. لكن حتى وإن ساهم جمال منّاد في قيادة المنتخب الوطني لأوّل مرّة إلى الأدوار التأهيلية لكأس العالم عام 1982 إلاّ أن اسمه غاب عن قائمة اللاّعبين المشاركين في ذلك المونديال، وكم تأثّر منّاد لعدم مشاركته وهو الذي كان ينتظر أن يفجّر طاقته أمام نجوم اللّعبة في بلاد الأندلس. فور عودة المنتخب من إسبانيا قرّر الطاقم الفنّي للمنتخب بقيادة الثنائي خالف محي الدين ورشيد مخلوفي تقديم استقالتهما وتمّ تعويضهما بالمدرّب السابق للمنتخب ولاعب منتخب الجبهة عبد الحميد زوبا، ليعود مجدّدا جمال منّاد إلى المنتخب وبقي محافظا على منصبه إلى ما بعد مهزلة زيغنشور عام 1992. يتّفق الكثير من التقنيين على أن الفضل في بلوغ الفريق الوطني مونديال المكسيك عام 1986 يعود إلى جمال منّاد، حيث سجّل تقريبا في كلّ لقاء إقصائي هدفا، وحين اِلتقى فريقنا الوطني بملعب المنزه بتونس عام 1985 ظنّ الجميع أن سيناريو عام 1977 سيتكرّر وسيقصى منتخبنا الوطني على يد المنتخب التونسي. لكن منّاد وشبّان الجزائر فعلوها وألحقوا هزيمة مُرّة بالتونسيين أمام أعينهم توقّفت عند الهدف الرّابع، سجّل منها منّاد هدفين وتكرّر نفس المشهد في لقاء العودة بملعب 5 جويلية، حيث فاز الفريق الوطني بثلاثية نظيفة سجّل منها منّاد هدفا واحدا، لينتزع (الخضر) ثاني مشاركة لهم في الأدوار النّهائية لكأس العالم بعد دورة إسبانيا 1982. شارك جمال منّاد في خمس دورات لكأس أمم إفريقيا، ففي دورة كوت ديفوار عام 1984 سجّل خلالها هدفين، هدف أمام مالاوي وآخر أمام غانا. وفي دورة مصر عام 1986 لم يسجّل منّاد أيّ هدف، ونفس الشيء في دورة المغرب عام 1988. لكن في دورة الجزائر لم يخيّب ابن مدينة البيّض آمال أبناء بلده فكان عند حسن ظن الجميع، حيث توج بلقب أحسن هدّاف، بتسجيله خمسة أهداف كاملة مهّدت الطريق لانتزاع أوّل وآخر كأس إفريقية. لكن في الدورة الموالية، شارك جمال منّاد إلى جانب جلّ العناصر التي توّجت بكأس أمم إفريقيا بالجزائر تحت إشراف نفس المدرّب الذي أهدى الجزائر تلك الكأس القارّية الشيخ عبد الحميد كرمالي، لكن يا ليت لو لم يشارك منّاد، حيث أنه لم يقدّم أيّ شيء، على غرار ماجر وشريف الوزّاني، ليقصى منتخبنا الوطني في الدور الأوّل. سنتان بعد تلك الدورة تمّت المناداة من جديد إلى جمال منّاد بعد تعيين رابح ماجر مدرّبا للمنتخب، لكن ونظرا لتقدّمه في السنّ لم يقدّم أيّ شيء فكان من البديهي أن يترك الفريق الوطني الذي لعب له حوالي 100 مباراة سجّل فيها حوالي 25 هدفا، وهو رابع أحسن هدّاف للمنتخب الوطني بعد كلّ من عبد الحفيظ تاسفاوت ولخضر بلومي ورابح ماجر. من الملاعب إلى التدريب لم يدم بقاء جمال منّاد في اتحاد العاصمة طويلا، حيث اعتزل اللّعب نهائيا ليدخل بعدها عالم التدريب، حيث درّب العديد من الفرق، نذكر منها اتحاد العاصمة وأولمبي العناصر، وهو الفريق الذي كان ل (منّاد) رفقة ياحي صعد معه لأوّل مرّة إلى القسم الوطني الأوّل، كما درّب فريقه الحالي شبيبة بجاية. تلكم باختصار مسيرة جمال منّاد الحاصل على شهادة تقني سامي في الفنّ المعماري ارتأينا أن نقدّمها لكم في هذا العدد نتمنّى أن نكون قد وفّقنا في ذلك.