استحضر ناصر بويش ذكرياته مع الكرة وبدايته في مداعبتها والتحاقه بأول فريق في صنف المدارس، وكأنه يتحدث عن وقائع حدثت بالأمس القريب. لم ينس صاحب المقصية التاريخية في مرمى حارس شباب بلوزداد حاريتي بملعب 5 جويلية الأولمبي، الذكريات ''الحزينة'' مع المنتخب الوطني، حين غاب عن دورتي 1982 و1986 رغم أنه شارك في التصفيات، وكان قد سجّل هدفا في مباراة ودية أمام ريال مدريد وهدفا في مباراة رسمية أمام أنغولا بالملعب الأولمبي. كنت قادرا على المشاركة بعينين مغمضتين وقلت لخالف: أنا قائد الجوق في 5 جويلية وعاد بويش ليتحدث عن غيابه عن دورتين نهائيتين لكأس العالم، وقال ''خالف حرمني من المونديال سنة 1982 وأشعرني بذلك عن طريق رابح سعدان الذي جاء خصيصا إلى الحي بالأبيار وكنت متواجدا عند صديق لي له محل للمواد الغذائية، ومنحني تذاكر الدخول إلى ملعب خيخون وفهمت منه بأنني غير معني بالمونديال''، مضيفا ''جاء ردّي سريعا وقلت لسعدان، ونحن نلقبه ب كمال وليس رابح: يا سي كمال، أنا عسكري، ولا يمكن أن أتنقل إلى إسبانيا من دون إذن''. وأضاف بويش ''كنت بديلا خلال المباريات الودية التحضيرية لمونديال 1982 وكان لي الحظ أن أشارك في 25 دقيقة أمام ريال مدريد، حيث اقترب منّي خالف وقال لي: هل أنت قادر على اللعب؟ فأجبته: بالطبع نعم، فهذا الجمهور العريض أنا متعوّد عليه، وملعب 5 جويلية مثل بيتي وأنا قائد الجوق هنا، إنني في حديقتي. ودخلت، وكان الريال فائزا، وسجّل ماجر هدف التعادل، ثم سجلت الهدف الثاني''، مضيفا ''بكل تواضع، كنت قادرا على المشاركة في المونديال، فقد كان عمري 21 سنة وكنت قادرا على لعب مقابلتين في اليوم الواحد''، مضيفا ''كنت قادرا على المشاركة في مباريات المونديال سنة 1982 بعينين مغمضتين''. حذفوا اسمي رفقة ياحي من قائمة مونديال 1986 أما عن المونديال، فقال ناصر بويش بأنه تأثر أيضا لإبعاده ''رغم أنني قرّرت العودة سنة 1983 عقب إنهائي للخدمة الوطنية بإلحاح من زوبا''، ليضيف ''سعدان كان المدرّب الأول، وطلب من أحد أصدقائي، هو اليوم متواجد في إنجلترا، أن يخبرني بأنهم، دون أن يحدّد الأسماء، شطبوا اسمي رفقة ياحي من القائمة''، مضيفا ''أخبرني صديقي بأن سعدان تأسف لي، وأطلعني على القائمة التي حدّدها شخصيا، وكان اسمي واسم ياحي مدوّنا، ليقول لي بأن المسؤولين أعدّوا قائمة أخرى لا تضم اسمي''. رفضت عرض الإسماعيلي واللّعب في الخليج كان عيبا في ذلك الوقت وعلاوة على عدم المشاركة في المونديال، فإن ناصر بويش لم يتمكّن من خوض تجربة احترافية بسبب القانون السابق، الذي يفرض على أي لاعب بلوغ سن 28 للّعب لأندية أجنبية. وفي هذا الشأن، قال بويش ''تلقيت عدة عروض من أندية أوروبية، منها نادي بيفران البلجيكي وسبورتينغ لشبونة البرتغالي إلى جانب الإسماعيلي المصري الذي درّبه الجزائري محمّد لكّاك، غير أنني رفضت اللّعب في مصر، واعتذرت أيضا عن التعاقد مع أندية خليجية، ففي ذلك الوقت، كان عيبا أن يتنقل لاعب جزائري إلى الخليج''. منعت من الاحتراف قبل سن 28 وقالوا لي بأن ماجر حالة خاصة واصل بويش يقول ''قمت بمساع حثيثة على مستوى الاتحادية من أجل الاحتراف، لأن القانون لم يكن يسمح لي بذلك كوني لم أبلغ سن 28 عاما، وكنت قد اتفقت مع مسؤولي النادي على عقد لموسمين بقيمة 80 مليون فرنك فرنسي، وكانت قيمة ضخمة، واصطدمت في الاتحادية في عهد كزال بقول أحد مسؤوليها بأن القانون يمنعني، وحين طلبت منهم أسباب السماح لماجر بالتنقل قبل سن 28 قالوا لي بأن ماجر حالة خاصة، وحدث ذلك بعد تألق المنتخب في مونديال 1982 بإسبانيا''. سجّلت أفضل أهدافي أمام نكونو وهدفي في مرمى حاريتي لن أنساه وعن مشاركاته مع مولودية الجزائر خلال الثمانينيات، يذكر ناصر بويش أهدافه الجميلة التي سجلها محليا ودوليا، وقال ''خلال مسيرتي، سجلت ستة أهداف، وسبعة بمقصيات، وكانت كلها أهدافا جميلة، منها الهدف الشهير في مرمى حاريتي، حارس شباب بلوزداد، في الوقت بدل الضائع بملعب 5 جويلية الذي لن أنساه''. وواصل يقول ''بالنسبة لي، فإن أحسن وأجمل هدف سجلته كان على الحارس الشهير الكاميروني نكونو، حين واجهنا بملعب 20 أوت 1955 نادي كانون ياوندي الكاميروني بارتماءة جميلة''. لعبت آخر مباراة مع المولودية ضد سطيف وتم إشراكي مصابا وقال بويش بأنه قرّر التوقف عن اللعب في سن الثلاثين ''ولعبت موسمين مع الأبيار بعد رحيلي عن مولودية الجزائر، فقد كانت آخر مباراة لي مع المولودية في موسم 1988-1987 في بولوغين في المباراة الشهيرة أمام وفاق سطيف، وكنت مصابا ولعبت ب20 بالمائة من قدراتي بعد إلحاح المسيّرين، ومشاركتي كانت تهدف فقط إلى التأثير على المنافس، ونجحنا في ضمان البقاء''. كثرة الانتهازيين في المولودية عجّلت برحيلي وأوضح بويش ''بعد مباراة سطيف، قرّرت مغادرة المولودية بسبب كثرة الإصابات، منها إصابة على مستوى الركبة لازمتني 20 شهرا، ولم يتمكن الأطباء من معالجتي. ثم عدت إلى فريقي الأبيار ولعبت موسمين لم أشارك خلالها في مباريات كثيرة، لأنني أمضيت لتعلقي وشغفي بالكرة. ورغم ذلك، أدينا مباريات كبيرة أمام تلمسانوسطيف وشباب قسنطينة''، مضيفا ''كثرة المشاكل في الأبيار جعلت الفريق يتهاوى''. كنا مثل الأمراء في الجزائر والأندية الأوروبية كانت تريدنا في مراكز التكوين ويعترف بويش بأن جيله في الثمانينيات كان مطلوبا في مراكز تكوين أوروبية، مشيرا ''حين كنا نتنقل لنشارك في دورات شبانية، كان الفرنسيون، بدرجة خاصة، يلحون علينا للبقاء بعد انبهارهم بمستوانا، غير أننا كنا نرفض وفضلنا البقاء في الجزائر. ففي ذلك الوقت، كانت الظروف رائعة، ولم يكن ينقصنا أي شيء، كنا مثل الأمراء وكل الأبواب كانت مفتوحة''. تأسفت لعدم اللّعب مع عيسى دراوي ناصر بويش عاد إلى بداياته، واسترسل في الحديث عن سنوات السبعينيات التي تزامنت مع التحاقه بفريق الحي الذي ينتمي إليه وهو شبيبة الأبيار، وقال بأن الأخير تخرّج منه عدة لاعبين تقمصوا ألوان أندية النخبة ''على غرار جمال منّاد وبوعلام لعروم ثم نور الدين نفازي وخالد ديكيماش ونسيم بونقجة وإبراهيم وحيد ولحسن نازف وغيرهم''، مضيفا ''بدأت مع المدارس وكان يشرف علينا المدرّب كمال لموي الذي أسّس المدرسة، وحملت ألوان شبيبة الأبيار إلى غاية الأشبال، ثم التحقت بمولودية الجزائر في صنف الأواسط، ولعبت مرحلة الذهاب مع الأواسط قبل أن تتم ترقيتي، في مرحلة الإياب، إلى صنف الأكابر''. ويعترف ناصر بويش بأنه لم يصدّق نفسه وهو يلعب ضمن تشكيلة من نجوم مولودية الجزائر ضمن الأكابر موسم ,1978-1977 أي سنة واحدة عقب تتويج هذا الفريق بكأس إفريقيا للأندية البطلة، مشيرا ''كان أمرا رائعا، فقد وجدت نفسي ألعب للفريق الذي كنت أناصره، ووجدت نفسي أساسيا بجانب باشي وبن شيخ وآيت موهوب وعزوز وزنير وغيرهم، ولم أنل شرف اللّعب مع المرحوم عيسى دراوي الذي غادر المولودية في ذلك الموسم، وقد تأسفت لذلك''. سجّلت أول هدف أمام اتحاد الجزائر قصة بويش مع ''الداربيات'' طويلة، فيقول ''سجّلت أول هدف لي أمام اتحاد الجزائر بملعب سانت أوجان، في مباراة انتهت بالتعادل .3/3 وسجّلت هدفا من على بعد 30 مترا على الحارس المتميز المرحوم بوعيشاوي، كان أمرا رائعا ومميزا بالنسبة إليّ أن أسجّل مع أكابر المولودية بجانب نجوم كبار، من طراز باشي وباشطة وبن شيخ وآيت موهوب وبتروني''.