تستقبل الأسر الجزائرية شهر رمضان بتحضيرات واستعدادات كبيرة، إذ يحظى هذا الشهر الفضيل باهتمام خاص فتتلألأ أنوار المساجد وتنشط المقاهي والأسواق في الليل، وتتزين البيوت كما يعتبر رمضان فرصة للم القريب وتقريب البعيد، حيث تنتشر عادات وتقاليد دينية تختلف باختلاف المناطق الجزائرية عبر ولايات الوطن، ولعل من أبرز الاحتفالات التي تسعى معظم العائلات إلى القيام بها والتي تنتشر بكثرة في هذا الشهر الفضيل هي الإقدام على ختان الأطفال تيمنا ببركة الشهر الفضيل. وتشهد معظم المستشفيات والعيادات بالجزائر العاصمة خلال هذه الأيام استعدادا على مستوى مصالحها لاستقبال الأطفال الصغار المقبلين على عملية الختان، حيث تفضل معظم العائلات الجزائرية ختان أطفالها بعد انقضاء النصف الأول من شهر رمضان الفضيل وخاصة في ليلة القدر الموافقة للسابع والعشرين التي لا تفصلنا عنها سوى أيام معدودة تبركا بهذه المناسبة الدينية الكبيرة، إذ تتسارع العائلات خلال هذه الأيام إلى حجز أماكن لأطفالها المقبلين على ذلك ومنهم من باشر العملية منذ الأيام الأولى من رمضان، حيث تستعد لإجراء عمليات الختان الفردية والجماعية التي عادة ما تكون مصحوبة بعادات وتقاليد مميزة في هذا الشهر الكريم، حيث تختلف هذه العملية عن باقي عمليات الختان الجماعي في الأشهر الأخرى طوال السنة. ولعل الأمر الذي أدى بالعائلات إلى ختان أبنائها خلال شهر رمضان باعتباره يغنيها عن مصاريف الاحتفال بالختان خصوصا أمام ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، كما هو الحال بالنسبة للسيد أمين الذي كان منهمكا بالتحضير لطهارة ابنه، حيث صرح لنا أن عمليات الختان خلال هذا الشهر المعظم لا تتطلب مصاريف كثيرة ويقتصر الأمر على تنظيم سهرات عادية بالمشاركة في إعداد الحنة من أجل تزيين أيدي الطفل والاستماع إلى بعض الأغاني الدينية التي لها وقعها الخاص خلال هذه المناسبة، حيث تكون مصحوبة ببعض المشروبات والمقبلات التي تتلاءم مع السهرة والاجتماع الأسري في جو من الفكاهة والمرح، كما تستغل النساء الفرصة في تقديم أجمل البوقالات التي تقرأ على مسامعهن تكون مصحوبة بأحلى الحلويات مع الشاي الذي يتم إعداده بطريقة مميزة. من جهتها تلعب الجمعيات الخيرية دورا كبيرا في التكفل بعدد معتبر من الأطفال من العائلات ذات الدخل البسيط والمحدود لأن عمليات الختان بالنسبة لهذه العائلات تعتبر جد مكلفة، ولكن لم تكن قلة الإمكانيات هي السبب الوحيد للجوء إلى الختان الجماعي بل حب اللمة العائلية والجو المفعم بالحب والتفاهم هي من دوافع ذلك، حيث تفضل الكثير من العائلات وخاصة الأسر الجديدة الاحتفال بهذه المناسبة في بيت العائلة الكبيرة حفاظا على أوصال الأسرة وعاداتها، وهو الأمر الذي يعطي انطباعا فريدا ومميزا في نفوس الجد والجدة بأحفادهم الذين تمكنوا من رؤيتهم في هذا اليوم الخاص الذي يعتبر عرسا بأتم الكلمة أين تتعالى الزغاريد التي تمتزج ببكاء الأطفال وصراخهم. ولكن بالرغم من ما تحمله عملية الختان الجماعي من متعة ولم شمل الأطفال والعائلات إلا أن ذلك قد يسبب خطرا على صحة الأطفال نتيجة احتمالية وقوع أخطاء طبية نظرا للتوافد الكبير للعائلات على المستشفيات في طوابير لا متناهية ويتضاعف ذلك في ليلة السابع والعشرين، وللختان إيجابياته حسب ما صرح لنا به الدكتور (زياني محمد) وهو طبيب عام، إذ أوضح أن للختان إيجابيات منها تمكين الطفل من تفادي الأمراض الجنسية المتنقلة مما يوجب أخذ الحيطة من خلال اللجوء إلى المستشفيات التي تستخدم وسائل معقمة للختان لتجنب ظهور أمراض غير متوقعة بعد الانتهاء من عملية الختان، منها على سبيل المثال النزيف الدموي الحاد الذي يطرأ على المصابين بمرض الهيموفيليا أو غيرها من الأعراض التي يمكن أن تحدث حتى لا تتحول الفرحة إلى نكبة.