لا تخاف الكلاب الشاردة في العاصمة التشيلية سانتياغو من القنابل المسيلة للدموع ولا من مرشات المياه التي تستخدمها الشرطة لتفريق التظاهرات، فهي تشارك دون انقطاع في كل التظاهرات التي تشهدها هذه المدينة. وسارت مئات الكلاب مؤخرا في تظاهرة جنباً إلى جنب مع العمال المتظاهرين تلبية لدعوة المركز النقابي الموحد للعمال، وهو من أكبر النقابات المهنية في البلاد. وفيما كان العمال يهتفون في التظاهرة، كانت الكلاب تشاركهم بالنباح وتتلقى الترحيب والمداعبة من المشاركين الذين يعتبرون هذه الكلاب شريكة في الاحتجاج. وفي طرف التظاهرة، حيث يعمد بعض الملثمين عادة إلى رشق القوى الأمنية بالحجارة، تهرع الكلاب إلى التقاط الأشياء التي يرميها المتظاهرون وإعادتها إليهم. وبدأت ظاهرة مشاركة الكلاب في التظاهرات تفلت الأنظار مع التظاهرات الطلابية الكبرى التي انطلقت في العام 2011، مطالبة بالتعليم المجاني عالي المستوى. وانتشرت في مختلف أنحاء العالم صور تظهر فيها الكلاب مشاركة في التظاهرات وفي الاشتباكات مع القوى الأمنية. ومن أشهر هذه الكلاب (ال نيغرو)، وهو ذو شعر أسود كثيف. وقد أنشئت له صفحة على فيسبوك يتابعها ستة آلاف (صديق) وحساب على تويتر يتابعه ألفا مستخدم. وتعرف عنه صفحاته على مواقع التواصل على الشكل التالي: (ثوري أصيل، أب ل 32 ولدا، متزوج من ست سيدات، صديق الشعب، والكابوس الأكبر لدى رجال الشرطة). ويقول أحد الشباب المشاركين في تظاهرة في العاصمة التشيلية للمطالبة بتحسين ظروف العمل (الكلاب أصبحت جزءا من التظاهرات، وهي تقوم بحماية الطلاب المتظاهرين من رجال الشرطة). يذكر أن الكلاب تتأثر كما البشر تماما بالقنابل المسيلة للدموع التي تقذفها قوات الأمن لتفريق المتظاهرين أو منعهم من الاقتراب من مكان ما. ويقول فرناندو الفاريز المتخصص في الطب البيطري إن الكلاب تعاني جراء القنابل المسيلة للدموع من (تهيج العينين والاضطرابات التنفسية، التي قد تسبب لها موتها). ويقدر عدد الكلاب الشاردة في سانتياغو بحوالي 500 ألف، بحسب إحصاء رسمي أجري في إطار خطة لمكافحة الازدياد الحاد في أعدادها. وتجوب هذه الأعداد الضخمة من الكلاب شوارع سانتياغو وحدائقها، وهي باتت جزءا لا يتجزأ من صورة المدينة، وتجذب الكثير من السياح. وتعيش هذه الكلاب الشاردة في الشارع، وتبدو قذرة ومصابة بجروح، وهي تتحرك في مجموعات بحثا عن الطعام. وعند اشتداد البرد، يصعد بعض هذه الكلاب إلى الحافلات العامة طلبا للدفء.