بالموازاة مع إحصاء ثمانية آلاف حالة اعتقال واختفاء قسري إخوان مصر يستعيدون تكتيكات العمل السرّي استعادت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعضا من تكتيكاتها السابقة للتعامل مع حملة مستعرة تواجهها منذ عزل الجيش للرئيس المنتخب محمد مرسي. ومنذ فضّ اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر لمؤيدي الرئيس المعزول في 14 أوت ومقتل مئات الأشخاص معظمهم من الإسلاميين، يشنّ الأمن المصري حملة اعتقالات واسعة ضد قيادات الصفّ الأوّل والثاني وأعضاء آخرين في جماعة الإخوان، لم تستثن مرشدها العام محمد بديع. وأثّرت الاعتقالات بشكل مباشر، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، على ترابط وتنظيم الجماعة على الأرض، حسب ما قال بعض أعضائها، مجبرة الجماعة مجددا على اتباع تكتيكات العمل السري نفسها التي اعتادت عليها خلال فترات التضييق عليها قبل ثورة 25 يناير 2011. وبالرغم من تشكيل لجان بديلة داخل الجماعة لتعوض دور القيادات المعتقلة في التنسيق والتواصل مع الأعضاء وحشدهم، إلا أن ضعفا بائنا بدأ يعتري صفوفها. وكحال جميع قادة الجماعة استعادت أسرة عائشة القيادية الإخوانية أساليب العمل السري التي أتقنتها لعقود، ليتوارى الأب القيادي عن الأنظار، بينما أصبحت الابنة أسيرة حالة من الشعور بالمطاردة. تقول عائشة 25 عاما -وهو اسم مستعار لقيادية شابّة في حزب الحرّية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان، وابنة أحد قادة الجماعة في محافظة الإسكندرية- إن (التواصل أصبح مباشرا دون استخدام الهاتف أو الأنترنت خوفا من تحديد أماكننا)، وأكّدت أنها أصبحت أكثر حرصا على المعلومة التي بيدها وعلى أمنها الشخصي (لأننا نستعيد قمع الأمن الذي تعودنا عليه طيلة سنين بشكل عادي). واقترنت جماعة الإخوان بصفة (المحظورة) في الإعلام الرّسمي خلال عهد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، لكنها باتت اليوم تواجه حظرا شعبيا متزايدا في الشارع يزيد من وطأة ملاحقة الأمن لقيادتها. وتقول عائشة إن التضييق الآن أصبح أصعب منه في عهد مبارك (لأن هناك تضييقا شعبيا أيضا)، مشيرة إلى معاملة بعض المواطنين لأفراد الجماعة بشكل سيّئ، (بل كثيرون يريدون التخلص من جيرانهم الإخوان، مع وجود متعاطفين معنا بالطبع). ورغم عدم اتخاذ السلطات المصرية قرارا بحلّ الجماعة استجابة لمقترح رئيس الوزراء حازم الببلاوي، يعتقد البعض أن حملة الاعتقالات واختفاء القيادات وتواريهم عن الأنظار أربكت صفوف الجماعة. لكن القيادي في حزب الحرّية والعدالة في طنطا (دلتا النيل) أحمد يقول إن أعضاء الجماعة لم يعودوا يتواصلون بشكل مكثّف عبر المكالمات الهاتفية (لأننا نعرف أنها مراقبة). وكشفت مصادر أمنية لوكالة الأنباء الفرنسية أن عدد المقبوض عليهم من جماعة الإخوان المسلمين يتجاوز ألفي معتقل عبر البلاد منذ فض الاعتصامات، مشيرة إلى عدم وجود قائمة كاملة بالمقبوض عليهم حتى اللحظة. بينما أكّد المحامي إسماعيل الوشاحي من أنصار الجماعة إحصاء ثمانية آلاف حالة اعتقال واختفاء قسري للمنتمين للجماعة حتى الآن، لافتا إلى أن المعتقلين يواجهون 16 تهمة، منها القتل والشروع في القتل وحيازة أسلحة وحرق منشآت. ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة أشرف الشريف إن الجماعة تعاني حالة ارتباك، لكن أموالها لا تزال بيدها إلى حد كبير (وإن معظم أعضائها غير معتقلين)، ويؤكّد أن الحملة الأمنية وجهت ضربة قاسية للجماعة لكنها غير قاصمة، (ممّا يجعل للأمر أبعادا رمزية أكثر منها حقيقية). وحسب قيادي إخواني فإن الجماعة توقّفت عن حشد أنصارها من خارج العاصمة للتظاهر في القاهرة بسبب اعتقال عدد كبير من المسؤولين من رؤساء المكاتب الإدارية في المحافظات المختلفة.