بين الاكتظاظ وتهديدات نقابات القطاع دخول مدرسي ساخن ينتظر 08 ملايين تلميذ يلتحق اليوم أزيد من 08 ملايين تلميذ من مختلف الأطوار التعليمية بالمؤسسات التربوية لمزاولة الدراسة لهذا الموسم الاستثنائي لما يحيط به من أجواء خاصّة يسودها التوتّر فرضتها الظروف الرّاهنة للقطاع الذي سيكون في مواجهة سلسلة من إضرابات العمال الذين لم يتوقّفوا عن التهديد بشلّ جميع المدارس في حال لم تستجب الوزارة لطلباتهم، إلى جانب فضائح امتحان شهادة البكالوريا التي ما تزال تلقي بظلالها على هذا الموسم. يزاول حوالي 8 ملايين و47 ألف تلميذ الدراسة في أكثر من 250 ألف مؤسسة تربوية منتشرة عبر القطر الجزائري، حيث يستفيد أزيد من نصف التلاميذ من مجّانية الكتاب المدرسي كلّفت الخزينة حوالي 605 مليار دينار، في حين خصّصت 9 ملايير دينار كغلاف مالي للمنحة المعوّزين توزّع على 3 ملايين تلميذ. ورغم هذه الميزانية التي أعدّتها الحكومة لإنجاح الموسم الدراسي 2013/2014 والإجراءات الجديدة المتعلّقة بتوفير الإمكانيات البشرية والبيداغوجية، على غرار تخفيف وزن المحفظة وتقليص الحجم الساعي، إضافة إلى تغيير محتوى بعض الكتب المدرسية، إلاّ أن العديد من المتتبّعين للشأن التربوي بالبلاد يؤكّدون أنه سيكون استثنائيا وسيعرف عدّة اضطرابات. غضب.. وتدابير من جملة التدابير التي اتّخذتها الوصايا لمواجهة غضب نقابات القطاع دون استثناء نجد إلزامها جميع مديريات التربية بتطبيق التعليمات الخاصّة بتخفيف وزن المحفظة وتقليص الحجم الساعي لتلاميذ الطور المتوسط، إضافة إلى تغيير محتوى بعض الكتب المدرسية وإقرار تنظيم دراسي جديد مطابق للمناهج الدراسية في هذه المرحلة، إضافة إلى إحالة العديد من المعلّمين على التقاعد وتوظيف عدد كبير آخر، إلاّ أن هذه الإجراءات حسب العديد من المختصّين لا تضمن دخولا مدرسيا ناجحا نظرا للمشاكل العديدة التي لا زال يعيشها القطاع التربوي، على غرار ظاهرة الاكتظاظ والعجز الموجود في أساتذة اللّغات والرياضيات. من جهتها، شدّدت نقابات القطاع المستقلّة في العديد من المناسبات على أن الإصلاحات التربوية التي باشرتها الوصاية منذ سنة 2003 ساهمت في تقهقر مستوى التلميذ وانعكست سلبا على المنظومة ككل كونها ناقصة لم تشمل كافّة الجوانب الضرورية، داعية إلى ضرورة إصلاح الإصلاحات التربوية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المدرسية الجزائرية، خاصّة بعد النتائج الكارثية في امتحانات شهادتي التعليم الثانوي والمتوسط، خلال السنة الماضي. كما طرحت النقابات في وقت سابق مخاوف حول نوعية التكوين المقدم للتلميذ، الى جانب قرار الوصايا بإحالة عشرات الآلاف من الأساتذة على التقاعد بداية السنة تعتزم وزارة التربية، وهو الأمر الذي طرح انشغالا واسعا، تحديدا فيما يتعلّق بجانب الخبرة المهنية، خاصّة وأن هذه الخطوة جاءت دفعة واحدة، بما يشبه الاستقالة الجماعية، والتي سيكون لها تأثير كبير على نوعية التكوين الذي سيحظى به المتمدرسون. ويعتبر الكمّ الهائل من الأساتذة الذين يغادرون قاعات التدريس من أهمّ الكفاءات الوطنية في القطاع، ما سيصعّب من عملية إيجاد خلف لهم بنفس الكفاءة، لذا فقد كان حريا بوزارة التربية أن تطبّق عملية الإحالة على التقاعد بشكل دوري وعلى دفعات لضمان احتكاك الجيل الجديد بالجيل القديم واكتساب أكبر قدر من الخبرة منهم. في مقابل ذلك، فإن عملية التوظيف التي انطلقت فيها الوزارة بأكبر مسابقة عرفها القطاع ستسمح للعديد من الشباب المتخرّج ذوي الخبرة المحدودة والذين لم يتحصّلوا على التكوين اللاّزم بدخول قطاع التعليم ومزاولة مهام التدريس، وهو الأمر الذي سيؤثّر على نوعية التكوين الذي سيحظى به المتمدرسون خلال السنوات القادمة. وتجدر الإشارة أن وزارة بابا أحمد خصّصت مبالغ ضخمة لإنجاح هذا الموسم الدراسي، منها 5.4 مليار دينار لصيانة واقتناء أجهزة التدفئة لفائدة 709 مدرسة ابتدائية و324 متوسطة و155 ثانوية. كما تمّ اقتناء وتوصيل 3900 جهاز تكييف موزعين على 145 مؤسسة مدرسية بولايات الجنوب، منها 38 ابتدائية و86 متوسطة و21 ثانوية، في حين وصل عدد المطاعم المدرسية هذا الموسم الدراسي، 14739 مطعم توفّر وجبات لحوالي 3100.000 تلميذ، كما يرتقب الرفّع من ميزانية المطاعم المدرسية في حدود2.8 مليار دينار، على أن يرتفع سعر الوجبة بخمسة دنانير. وبالنّسبة للصحّة المدرسية فقد خصّصت الجهة الوصية مبلغ 265 مليون دينار سنويا لتغطية مصاريف التسيير واقتناء المستلزمات الطبّية، مشيرا إلى وجود 1277 وحدة للكشف والمتابعة، أمّا عملية التأطير البيداغوجي فسيستفيد القطاع التربوي من 12546 منصب مالي بيداغوجي و6785 منصب مالي لموظّفي التأطير الإداري وموظّفي المصالح والصيانة، حيث تمّ تنظيم مسابقة التوظيف للتأطير البيداغوجي في بداية الشهر الجاري ليتمّ تعيين المدرسين قبل الدخول المدرسي. إذ سيتكفّل القطاع بتوظيف 2850 مدرّس خرّيجي المدارس العليا للأساتذة، منهم 797 في الطور الابتدائي و732 الطور المتوسط و1321 في الطور الثانوي، إلى جانب تخصيص 9 ملايير دينار كغلاف مالي للمنحة المعوّزين توزّع على 3 ملايين، وتخصيص مبلغ 605 مليار دينار للكتب المدرسية التي ستوزّع مجّانا على فئة من التلاميذ. الأساتذة المتقاعدون وعمال المصالح الاقتصادية يهدّدون تتواصل تهديدات نقابات القطاع بشلّ الدخول المدرسي، حيث طالب الأساتذة المتقاعدون عشية الدخول المدرسي الوصايا بصرف مستحقّاتهم المالية المجمّدة منذ 2010 ورفع العراقيل على اللّجنة الوطنية المكلّفة بتسيير أموال الخدمات الاجتماعية وتسهيل مهامها بهدف السماح للأسرة التربوية التي تتمثّل أساسا في الأساتذة، خصوصا فئة المتقاعدين من الاستفادة من الأموال المجمّدة منذ 2010 بأثر رجعي في أقرب الآجال. وأوضح بيان اللّجنة الوطنية للأساتذة المتقاعدين أن آجال استفادة الأسرة التربوية من الأموال المجمّدة لا زالت حبيسة أدراج وزارة التربية الوطنية، وأن الوزير بابا أحمد لم يحدّد تاريخا لاستلام هذه الأموال المجمّدة منذ 2010 والمقدرة بمئات الملايير، مهدّدين بالخروج إلى الشارع للاحتجاج والتظاهر والاعتصام أمام وزارة التربية الوطنية إن لم يتمّ التكفّل بهم من خلال صرف مستحقّاتهم المالية التي أصبحت تمثّل شغلهم الشاغل، معتبرين أن قرارات الوزير بخصوص تأجيلها لا مبرّر له في الوقت الرّاهن من قِبل وزير التربية بابا أحمد. من جهتها، اللّجنة الوطنية لموظّفي المصالح الاقتصادية لوزارة التربية قامت بمراسلة وزير التربية لمطالبته بفتح باب الحورا، حيث حدّدت تاريخ 21 سبتمبر الجاري ليكون موعدا للقاء يجمعها بالوزير في مقرّ الاتحاد في سبيل تحديد الخطوات التي سيتمّ اتّخاذها مستقبلا والنّظر في مطالب موظّفي المصالح الاقتصادية وحقوقهم المهضومة. واستنكرت اللّجنة في بيان لها أمس صمت الوزارة اتجاه المطالب المرفوعة إليها، خصوصا في ظلّ التهميش الذي يعانيه موظّفو المصالح الاقتصادية، معتبرة أنها مطالب مشروعة ولابد من تجسيدها على أرض الواقع، خصوصا وأنها كانت محلّ مفاوضات بين أعضاء لجنة المتابعة والتسيير وممثّلي وزير التربية، حيث قرّرت مراسلة الوزير بابا أحمد لفتح حوار جادّ حول القضية ودعته إلى اجتماع وطني لمنسقي اللّجان الولائية. في السياق ذاته، خلص اجتماع أعضاء اللّجنة الوطنية لموظّفي المصالح الاقتصادية بمقرّ الاتحاد الوطني للعمال التربية والتكوين الخاص بدراسة المستجدّات في القطاع، والذي تزامن مع الدخول المدرسي، حسب البيان ذاته إلى ضرورة مراجعة اختلالات المرسوم المعدل 12/240 والمطالبة بمنحتي البيداغوجية والصندوق والتعويض عن الأعمال الإضافية مثل (تسيير المطاعم المدرسية، تسيير وحدات الكشف والمتابعة، المنحة المدرسية الخاصّة 3000 دينار، العمل في مراكز الامتحانات الرّسمية...)، إلى جانب ترقية موظّفي المصالح الاقتصادية حملة الشهادات الجامعية إلى رتب معادلة وإعادة النّظر في شروط وآليات إدماج وترقية جميع موظّفي المصالح الاقتصادية.