* ارتياح جزائري لمواجهة "بوركينا".. وإجماع على الحذر حبس ملايين الجزائريين أنفاسهم بعد أن سُحبت قرعة ثلاث مباريات إقصائية فاصلة لتصفيات مونديال 2014، منتصف نهار الاثنين بالعاصمة المصرية القاهرة، وارتفع احتمال حصول مواجهة حاسمة بين الجزائر ومصر إلى 50 بالمائة، حيث لم يبق ضمن منتخبات المستوى الثاني التي يمكنها مواجهة (الخضر) سوى مصر وبوركينا فاسو، قبل أن (ترحم) القرعة الجزائر بعد أن قضى اللّه أن يجنّبنا تكرار فتنة 2009 التي أحدثت شرخا قويا في علاقة بلدين شقيقين. قبل ثوان من اتّضاح كامل ملامح رابع مواجهات الدور الفاصل التي ستجمع مصر بغانا عادت إلى الأذهان سيناريوهات فتنة مونديال 2010، حين تسبّب الدور التصفوي الأخير الذي وضع (الخضر) و(الفراعنة) وجها لوجه في أزمة خطيرة في علاقات البلدين، تمنّى كثيرون عدم تكرارها، رغم أن أصحاب بعض وسائل الإعلام، هنا وهناك، تمنّوا حصول مواجهة مماثلة لرفع سحب صحفهم وزيادة شعبية قنواتهم وشاء اللّه أن تسقط أحلام دعاة الفتنة في الماء ليكون بمقدور المنتخبين أن يتأهّلا معا، وحتى إن أخفقا في ذلك لا قدّر اللّه فيكفي أن الجزائريين والمصريين، على السواء، تجنّبوا صداع الرّأس وفتنة لاحت بوادرها في الأفق أخمدتها مشيئة اللّه. الفتنة.. في الأرشيف قبل أن تنسف القرعة أحلام دعاة الفتنة والتحريض، في كلّ مكان، كانت المخاوف من تكرار (مأساة 2009) كبيرة واستعاد جزائريون ومصريون (ذكريات أليمة) انتهت بأهل (الخضر) إلى المونديال وإقصاء (الفراعنة) وبشرخ كبير في علاقات البلدين مازالت أثاره باقية إلى يومنا. جذور تلك الفتنة تعود إلى ما قبل سفر المنتخب الجزائري لكرة القدم إلى مصر يوم الثاني عشر نوفمبر 2009 ليلعب آخر مقابلة له في تصفيات كأس العالم 2010 يوم الرّابع عشر نوفمبر 2009 يومها تعرّضت حافلته للرّشق بالحجارة من بعض الجماهير المتعصّبة والمشحونة فوق اللزوم بفعل تطرّف بعض المتطفّلين على الإعلام المصري، وبدلا من الاعتراف بالتقصير الأمني في حماية حافلة المنتخب والاعتذار عن ذلك مع التأكيد بأن ما حدث لا يمثّل بلدا بأكمله راحت الأوساط الرّسمية المصرية وما يتبعها من أبواق إعلامية غير مسؤولة تقول إن ما حصل مجرّد تمثيلية وقحة، وأن هؤلاء اللاّعبين الذين نقلت وسائل إعلامية عالمية عديدة صور وفيديوهات الاعتداء الذي تعرّضوا له قد ضربوا أنفسهم وشجّوا رؤوسهم وكسروا زجاج حافلتهم. لقد كانت الجماهير المصرية مشحونة فوق اللزوم، وصوّرت لها بعض فضائيات التحريض مقابلة 14 نوفمبر على أنها حرب حقيقية، وأوحت إليها أنه سيكون حراما أن يُحرم جيل أبو تريكة من الذهاب إلى أكبر وأهمّ استحقاق رياضي، وقدّمت لهم منتخب الجزائر في صورة العدو الذي ينبغي هزمه بكلّ الأساليب، ولم يتردّد رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم في تهييج الجماهير وسيحفظ له التاريخ قوله: (افعلوا ما شئتم بالجزائريين.. المهمّ أن نفوز)، لذلك لم يكن غريبا أن تتعرّض حافلة (الخضر) لاعتداء بسبب ذلك الشحن من جهة ونتيجة تقصير أمني واضح في توفير الحماية اللاّزمة للحافلة من جهة ثانية، لكن الغريب هو ما تبع ذلك الاعتداء من إنكار له مع أن الحادثة تمّ تصويرها وبُثّت على أكثر من وسيلة إعلام مرئية محايدة. ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، فقد تعرّضت حافلة المنتخب الجزائري بعد نهاية مقابلة الرّابع عشر نوفمبر لرشق جديد بالحجارة بعد مغادرتها ملعب القاهرة، وقد كان ممثّل الاتحاد الدولي لكرة القدم على متنها، وهو شاهد على ذلك، كما تعرّض مناصرون وصحفيون جزائريون لاعتداءات مختلفة، وهناك شهادات وصور موثّقة تثبت ذلك، وهو ما أجّج نار الفتنة التي قال البعض إنها كانت ستتحوّل إلى حرب حقيقية لو أن البلدين كانت لديهما حدود مشتركة. ارتياح.. وحذر (سبق للنّاخب الوطني الجزائري وحيد حليلوزيتش أن أبدى مخاوفه من الوقوع أمام مصر أو الكاميرون لأسباب قال عنها إنها غير رياضية، وتبدو مخاوف التقني البوسني مفهومة إلى حدّ بعيد إذا ما نظرنا إلى الظروف التي ستحيط بمباراة المنتخب المصري مثلا، حيث يتمنّى النّاخب الوطني أن تضعه القرعة في مواجهة عادية دون أيّ خلفيات وقد يكون أفضل خيار بالوقوع مع بوركينا فاسو، وهو المنتخب الذي يعرفه حليلوزيتش جيّدا بعد ملاقاته ودّيا قبل عدّة أشهر، ويأتي في المقام الثاني منتخبت إثيوبيا والسنغال لأن مواجهتهما قد تكون أصعب من مواجهة بوركينا فاسو لأسباب كثيرة، ولو أن ما يهمّ حليلوزيتش هو تفادي الكاميرون ومصر وهو ما سيتعرّف عليه اليوم). هذا ما كتبته الصحيفة الرياضية الأولى في الجزائر (الهدّاف) ونشرته على موقعها ساعات قليلة قبل إجراء قرعة الدور الفاصل، حيث بدا كاتب الموضوع (حالما) بمواجهة (بوركينا)، وهو ما أفصحت عنه القرعة التي حملت (بشرى مزدوجة) للجزائر، أوّلا بتجنّب مواجهة منتخب الشقيقة مصر وثانيا بمواجهة منتخب بوركينا فاسو الذي يعرفه (الخضر) جيّدا بحكم أنهم واجهوه ودّيا هذه السنة وهزموه بثنائية نظيفة في ملعب البليدة، وسبق لهم وأن لعبوا السنة الماضية على ملعبه حين واجهوا مالي في الدور الثاني لتصفيات المونديال. ورغم التفاؤل الشديد باقتراب تجسيد حلم بلوغ كأس العالم القادمة إلاّ أن هناك شبه إجماع على ضرورة توخّي الحذر الشديد، فمنتخب بوركينا فاسو هزم غانا في نهائيات كأس إفريقيا وبلغ النّهائي وفاز في آخر ثلاث مباريات تصفوية، وهو بالتأكيد ليس (لقمة سائغة).