صار كثير من أصحاب السيارات اليوم، وخاصة من الذين فقدوا أعمالهم او لا عمل لهم أصلا، صاروا يعملون ك"كلوندستانات" ينقلون المواطنين من مكان لآخر مقابل بعض الدنانير، ورغم ما في هذا العمل من مخاطر، إلاّ أنّ البعض يجد نفسه مجبرا على ممارسته. من مخاطر او صعوبات هذه المهنة غير الشرعية القوانين الصارمة التي تتخذ في حق كل من يمارسها، فبالإضافة إلى دفع غرامة باهظة الثمن، فان سيارته ستؤخذ إلى المحشر، بل يخضع صاحبها او "الكلوندستان" إلى محاكمة قد تنتهي بان تسحب منه رخصة السياقة لأشهر طوال، ومن المخاطر كذلك أن يتعرض إلى الاعتداء من بعض الأشخاص المنحرفين، الذين يخيطون السيناريوهات لكي يستولوا على أملاك الغير، بل قد يفقد حياته جراء ذلك، لكن الخطر الأكبر، صارحنا بعض "الكلوندستانات" يأتي من زملاء المهنة، او باقي"الكلوندستانات" الذين يفعلون أي شيء من اجل الحفاظ على محطة ما، وإبعاد الآخرين، خاصة إن كانوا قادمين جدداً، وخاصة إن لاحظوا أن لهم زبائن كثر، فإن تنحيتهم تكون من أولى الأولويات، فيبلغون الشرطة عنهم، او يفعلون أكثر من ذلك، يرسلون أشخاصا يترصدونهم ويعتدون عليهم، وقد يبلغ بهم الأمر، ليس حد الترهيب فقط بل حتى القتل والسرقة. يقول لنا سمير، 31 سنة، والذي كان يعمل ك"كلوندستان" في الفترة الليلية، قبل أن يتعرض لحادثة جعلته يتوقف نهائيا، وكان أن اعتدي عليه من طرف جماعة من الشبان، الذين صعدوا معه على أنهم زبائن من محطة القبة باتجاه باش جراح، لكنهم في منتصف الطريق أوقفوه وهددوه بالسلاح، وسلبوا منه هاتفه وما ربحه في يومه، ثم أمروه أن يتوقف عن العمل، وانه إن مارس هذه المهنة ثانية في نفس المكان، فسيعتدون عليه مرة أخرى، ولكن بطريقة أبشع، وهو الأمر الذي دفعه إلى أن يتوقف عن هذا النشاط ولا يغامر حتى بأن يغير المكان، يقول: "لم أكن اعرف أن بعض "الكلوندستانات" ما هم إلا قطاع طرق ومنحرفون، مستعدون لفعل أي شيء مقابل دنانير معدودات، وأحيانا أتساءل إلى أي وحد يمكن أن يصل بهم الجشع والطمع، وهل كانوا سيقتلونني إن زاولت نشاطي، أم أنها مجرد تهديدات، لكن أن يسلبوني هاتفي وأموالي هو بحد ذاته أمر جلل، وتصرف لا يبدر إلاّ عن لصوص منحرفين". أمّا سهيل فقد تعرض إلى أبشع من ذلك في بلدية باب الواد، فلم يسرق منه هاتفه ولا شيء من أمواله، إلاّ انه تعرض للضرب وتحطيم سيارته، من طرف أشخاص ركبوا معه على أنهم زبائن، قبل يعتدوا عليه في الطريق، وهددوه بألا يعود إلى ممارسة هذه المهنة مجددا، ويضيف لنا سهيل بنبرة مريرة: "اعرف من فعل بي ذلك، هو سائق أجرة كان في كل مرة يهددني بأنه سيبلغ الشرطة عني، وليته فعل، لكنه فضل أن يستعمل أسلوب العصابات، فأرسل زبانيته ليعتدوا عليه، ولا ادري الآن ما افعله معه، فليس بإمكاني أخبار الشرطة لأني أصلا سائق غير شرعي، كما أنني لا أحب أن أكون مثله، فاستعمل نفس طريقته وابعث بأشخاص لضربه". وتعرف بعض المحطات شجارات دائمة بين سائقي الأجرة مع "الكلوندستانات"، أو مع بعضهم البعض، كل واحد يريد أن ينفرد بالمحطة لوحده، ولو كان ذلك ليس من حقه، بل ولو كان فيه اعتداء على الغير، رغم أنّ المواطنين والمسافرين كثر، والمحطات عادة ما تكون مليئة عن آخرها، لكن رغم هذا فإن الطمع والجشع بلغ بالبعض أن صاروا يفكرون في الاستئثار بالربح دون غيرهم.