انتقل بيع الأثاث القديم إلى الشباب بعدما اقتصر على المسنين في وقت مضى، حيث لجأ بعض الشباب الجزائري الى احتراف هذه المهنة فتراهم يجوبون الشوارع والأحياء بحثا عن لقمة العيش. شهدت تجارة بيع وشراء الأثاث القديم والأجهزة المستعملة تزايدا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث لم تعد مقتصرة على كبار السن فقط، بل حتى الشباب اصبحوا يمارسون هذه المهنة، ولعل انعدام مناصب الشغل هو الدافع الذي جعل المئات من الشباب يقتحمون مهنة المتاعب... "سفيان"، 25 سنة، بائع متجول في بيع الأثاث القديم، صرح لنا انه قدم منذ سنة من منطقة المدية الى الجزائر العاصمة بحثا عن فرصة عمل، الا أنه كما يضيف اصطدم بواقع نقص فرص العمل، لاسيما في المناطق الداخلية، فلم يجد من وسيلة سوى احتراف مهنة إعادة بيع الاثاث القديم. وقال أنه ينهض في الصباح الباكر متجها الى مختلف شوارع العاصمة رفقة صديقه بوعلام، جارا عربته ومرددا كلمه "قش بيع قش بيع" للظفر ببعض من يريدون بيع أثاثهم القديم وبأسعار معقولة. أما "بشير"، 28 سنة، فقد صرح أنه أتى من منطقة المسيلة للبحث عن عمل، إلا أنه وجد نفسه مضطرا إلى احتراف هذه المهنة التي كان يحترفها جده وأبوه في المسيلة. مضيفا أنه كسب منهما بعض الاحترافية والخبرات، ولهذا قرر العمل فيها دون غيرها. واسترسل " أنا مجبر على العمل، خاصة أنني أحضر لحفل زفافي، كما أن أسرتي محتاجة وتعتمد علي في توفير حاجيات المنزل". ويعود تاريخ هذه المهنة حسب مراد من المدنية بالعاصمة، الى ما بعد الاستقلال، فهناك شباب جدد دخلوا هذا العالم المليء بالصعاب، فيما توارثها آخرون عن أجدادهم وآبائهم وبالتالي فهم يتحكمون في أسرارها جيدا حيث يتمتعون بإتقان أساليب الإقناع، وكذا اختيار الأثاث الذي يمكن ان يحصلوا من خلاله على مقابل مالي معتبر واستطاعوا بواسطة هذه المهنة ان يعيلوا عائلات بأكملها رغم المدخول الضئيل الذي يحصلون عليه. كما صرح لنا بعضهم أنهم يعانون من عدة مشاكل تزيد من صعوبة هذه المهنة، من بينها مشكل المبيت، حيث يقضون الليالي في الحمامات أو في مدن خارج العاصمة نظرا للغلاء الذي يعرفه إيجار السكنات ويتحملون عناء التنقل يوميا من هذه المناطق الى العاصمة في رحلة شاقة للبحث عن ثلاجة أو تلفاز أو خزانة، بعبارات تكاد تكون غير مفهومة وتتمثل أساسا في »قش قديم« أو »اللي عندو قش للبيع« أو »قش بيع«. ويقول بوعلام أن المهنة جد صعبة، وذلك بسبب المخاطر والصعوبات التي يواجهونها يوميا منها تعرضهم للسرقة والاعتداءات من طرف البعض الذين لا يكترثون لتعبهم، وكذا المال الضئيل الذي يجنونه من هذه المهنة، حيث يرون فيهم مصدر رزق سهل فيترصدونهم في الأزقة الضيقة والخالية من الراجلين. وبعد عناء الشراء يتوجه هؤلاء الباعة الى الأسواق لبيع تلك الاجهزة والأدوات، أين يقضون اليوم بطوله - حسب ما أكده البعض - في انتظار الزبون الذي يقتنيها عساهم يحصلون على القليل من الدنانير التي لا يتحصلون عليها إلا بعد مرور أيام من شرائها، كما أنهم يقابلون بالطرد والاحتجاج من طرف بعض المواطنين بسبب أصواتهم المتعالية، خاصة في وقت القيلولة، مطالبين إياهم بمغادرة المكان، حيث قال بعضهم أنه لولا الحاجة الى المال لما احترفوا هذه المهنة المليئة بالمخاطر.