تواصلت فعاليات أيام مسرح الجنوب من 23 إلى 30 سبتمبر، بالمسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطرزي بعرض لمسرحية (نزيف) للتعاونية الثقافية النخلة لفنون العرض والتراث الشعبي لأدرار. وقد اختار شباب التعاونية خوض تجربة صعبة ومعقدة من خلال نص فلسفي مقتبس عن عمل للكاتب المسرحي العراقي الكبير فلاح شاكر بعنوان (عرس وحشي). أبدى الممثلون منذ الوهلة الأولى على الركح انصهارا تاما في شخوص المسرحية المبنية على حوار ذاتي بين الأم وابنها من خلال جدار الخطيئة (الذي بنته بدموع الابن الضائع). طيلة مدة العرض تواصل الأداء بنفس الوتيرة في حوار هستيري بين الأم والابن طبعته التناقضات والانفعالات وشحنة الأحاسيس التي تدحرجت بين رغبة الحب وسيطرت إحساس الكراهية بينهما. وبلغت جمالية النص ذروتها مع مرور الوقت، حيث اشتد الصدام واللوم وتبادل الاتهامات بين الشخصيتين. وقد أبدى الممثلون تجاوبا كبيرا مع أحداث المسرحية ومختلف الأفكار والأحاسيس التي تضمنها النص. ومن بين النقاط الأخرى الإيجابية في العرض تحكم الممثلين الرئيسين في لغة النص التي كانت عربية فصيحة وسمح صدقهما في الأداء وتبنيهما للغة النص بإضفاء بعدا حميمي على العرض كما خلق تفاعلا مع الجمهور. لقد أعطت هذه المسرحية بشهادة الكثير من النقاد والمسرحيين الذين حضروا العرض صورة أخرى عن مسرح الجنوب الفتي سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج، حيث أكد العرض الجهد والبحث الذي قام به المخرج رواحي عبد القادر الذي أبدى أيضا قدرة على توجيه الممثلين. ورأى هؤلاء تطورا ملحوظا في ما قدمه هذا المسرح، معتبرين ذلك ثمرة الاهتمام والورشات التكوينية التي استفاد منها شباب الجنوب المتيم بابي الفنون كما أكده لواج المخرج المسرحي جمال قرني. ونوه المتحدث في نفس السياق بالجهود التي يبذلها هؤلاء الشباب من خلال البحث والقراءة في مختلف مجالات المسرح. وقد شارك في أداء هذه المسرحية كل من شادي العيد وهاجر بن حسان ورقاني مبارك.