في وقت جدّدت فيه جماعات وأحزاب يهودية دعواتها لاقتحام المسجد الأقصى هذا الخميس، تزايدت وتيرة تدخّل ومشاركة الحكومة الإسرائيلية في هذه الاقتحامات، الأمر الذي اعتبره باحثون تغييبا لدور الدول العربية، خاصّة الأردن الذي يتولّى الإشراف على المقدسات. حذّرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث من تداعيات دعوات وجّهتها منظمتان إسرائيليتان لأداء صلوات في أماكن محدّدة داخل المسجد الأقصى، مطالبة كلّ من يستطيع التوجّه إلى المسجد الأقصى والرّباط فيه بأن يفعل لإحباط الاقتحامات. ووفق بيان للمؤسسة فإن ما يسمّى ب (ائتلاف المنظّمات من أجل الهيكل) ونشطاء في حزب (الليكود) تصدّرا الدعوة الجديدة لاقتحام المسجد، فيما قال محمود أبو عطا النّاطق الإعلامي باسم المؤسسة إن قيادات سياسية تتصدّر الدعوات لاقتحام الأقصى. وقالت المؤسسة إن نشطاء من حزب (الليكود) يطلقون على أنفسهم (أعضاء المكتب القومي في حركة الليكود) أعلنوا أنهم سينضمّون إلى فعالية (الصعود إلى جبل الهيكل) حسب وصفهم، مؤكّدين أن الحاخام والنّاشط الليكودي (يهودا جليك) سيرافقهم ويرشدهم خلال الاقتحام. وأوضح أبو عطا أن الدعوة الأخيرة في سلسلة الدعوات لاقتحام الأقصى تتضمّن طلبا من شرطة القدس بتوفير الحماية للمقتحمين لأداء ما يسمّونها صلوات صباحية قبالة مسجد قبة الصخرة بمناسبة ما يسمّونه (الذكرى السنوية ال 848 لصعود الرمبام إلى الهيكل) أو بجوار مصلّى المتحف الإسلامي قبالة باب المغاربة إذا تعذر المكان الأوّل، وقال إن الدعوات الجديدة جزء من سلسلة دعوات لاقتحام المسجد استمرّت خلال الأعياد اليهودية طوال الشهر الماضي وشارك فيها 1513 مستوطن وعنصر من الجماعات اليهودية و181 عنصر من جهاز المخابرات و150 جندي ضمن دوريات الاستكشاف العسكرية، إضافة إلى 15596 سائح أجنبي. وشدّد أبو عطا على أن السبيل الأجدى لإفشال هذه الدعوات هو الرباط في المسجد الأقصى والتواجد فيه، مشيدا بمستوى التجاوب مع دعوات التصدّي للمستوطنين، لكنه مع ذلك طالب بحراك عربي وإسلامي أوسع للتضامن مع الأقصى وحمايته من التقسيم، وذكر أن قوات الاحتلال اعتقلت خلال الشهر الماضي قرابة 180 فلسطينيا من القدس والأراضي المحتلة عام 1948 ممّا يعكس حجم التحدي والصمود الذي يخوضه الفلسطينيون لمنع اقتحام الأقصى. من جهته، أوضح المحاضر بجامعة بير زيت والخبير في شؤون القدس جمال عمرو أن الدعوات لاقتحام الأقصى ارتفعت بشكل ملحوظ منذ عام 2009، وبات يميزها العنف والشراسة ومشاركة الحكومة فيها بشكل مباشر وعلني، بعد أن كانت تشارك فيها من خلف الستار، وأضاف أن مشاركة الحكومة الإسرائيلية انتقلت من السرية إلى العلنية، ومن الصمت والإنكار سابقا إلى التفاعل حاليا لتلعب دور الحاكم والجلاد معا. ولفت الباحث الفلسطيني إلى تغييب مقصود ومتسارع للدور العربي وخاصة الأردني في المسجد الأقصى، مضيفا أن الأردن الذي يتولّى إدارة المسجد الأقصى عيّن مديرا له ورفضه الاحتلال وأبعده عن الأقصى ومنعه أحيانا من الحديث للإعلام. وأكّد عمرو استمرار تغييب الأردن ومنعه من الوظيفة المناطة به منذ وفاة الملك حسين، مشيرا إلى فشل التفويض الفلسطيني للأردن وتغييب الدور الفلسطيني تماما، وأشار إلى تراجع مستمر في الدور العربي عموما ومحاولات متسارعة لفرض أمر واقع وتقسيم الأقصى مكانيا وزمانيا بشكل حقيقي وواقعي في ظلّ التغيير الذي تشهده المنطقة، وذكر أن هناك عشرين منظّمة يهودية تدعم فكرة الاستنفار اليهودي وتواصل الهجوم على الأقصى لتقسيمه كما قُسم المسجد الإبراهيمي في الخليل، وتحديد مكان وزمان للمستوطنين كي يصلوا فيه.