أعلنت وزارة الصحة الليبية ارتفاع ضحايا إطلاق نار على متظاهرين قرب مقر كتيبة النسور في العاصمة طرابلس إلى 32 قتيلا ونحو 400 جريح، وذلك في وقت تدور فيه اشتباكات بين قوات تابعة للأجهزة الأمنية الرسمية وعناصر كتيبة النسور بمحيط المنطقة. وبينما طالبت الحكومة جميع المواطنين بالهدوء والابتعاد عن المظاهر المسلحة، دعا رئيس الوزراء الليبي علي زيدان جميع المليشيات المسلحة إلى مغادرة العاصمة. ورجح وزير الصحة الليبي نور الدين دغمان في تصريحات تلفزيونية مساء أول أمس ارتفاع حصيلة الضحايا نظرا لوجود عدد كبير من الإصابات الخطيرة. وحدث إطلاق النار عندما اقترب متظاهرون من مقر الكتيبة في حي غرغور وسط طرابلس، حيث بدأ مسلحون من الكتائب بإطلاق النار في الهواء لتفريق المتظاهرين، قبل أن يوجهوه إليهم عندما واصلوا سيرهم تجاه مقر الكتيبة. تلا ذلك وقوع اشتباكات بالأسلحة المتوسطة ومضادات الطائرات بين قوات تابعة لبعض الأجهزة الأمنية الرسمية وبين كتيبة النسور في المنطقة نفسها، ردا على إطلاق نار على متظاهرين أمام مقر الكتيبة. وتحاول القوات المحاصرة لكتيبة النسور إخراجها من المقر التي تتمركز فيه. من جهته حذّر المفتي العام في ليبيا الشيخ الصادق الغرياني من خطورة تحول الخلافات بين الليبيين إلى نزاعات تغذيها العصبية القبلية، وقال إن هذا الاتجاه أخطر ما يهدد استقرار ليبيا ومستقبلها. ودعا الشيخ الغرياني الحكومة إلى الإسراع في تطبيق قرار المؤتمر الوطني الليبي ضم المسلحين الذين تنطبق عليهم الشروط إلى قوات الجيش والشرطة، ومحاربة من لا يرغبون في ذلك، لوقف تدهور الوضع الأمني في البلاد. وقد دعت الحكومة كافة المواطنين إلى الهدوء والابتعاد عن المظاهر المسلحة، مؤكدة أنها في حالة انعقاد دائم وتتابع الموقف عن كثب. وشددت الحكومة في مؤتمر صحفي عقده رئيسها علي زيدان وعدد من الوزراء على وجوب أن تغادر جميع المليشيات المسلحة طرابلس بدون استثناء. كما طالبت الفصائل المسلحة بالوقف الفوري لإطلاق النار والتزام التهدئة، مشددة على ضرورة عدم إطلاق التصريحات التي قد تثير الفتنة. كما شدد زيدان على أن حكومته ظلت تؤكد دائما أن أخطر شيء هو وجود السلاح خارج أيدي الجيش والشرطة، وأن هذا السلاح لا بد أن يوجه إلى حامليه. وكان المتظاهرون قد خرجوا عقب صلاة الجمعة للمطالبة بإخلاء العاصمة من كافة التشكيلات المسلحة بدعوة من مجلس طرابلس المحلي وبعض هيئات المجتمع المدني ودار الإفتاء. ودعا رئيس المجلس المحلي لمدينة طرابلس السادات البدري وزير الدفاع إلى إعلان الطوارئ، مطالبا السكان بالعصيان المدني والإضراب العام إلى حين رحيل كافة الكتائب المسلحة من المدينة بعدما اقترفت حماماً من الدم بحق متظاهرين سلميين كانوا يرفعون الأعلام البيضاء وأعلام الاستقلال، على حد قوله. وطالب البدري كافة التشكيلات المسلحة الأخرى القادمة من مناطق أخرى بالخروج من العاصمة تنفيذا لقرار صادر من البرلمان بهذا الشأن. وفي وقت سابق أدان مجلس مدينة مصراتة إطلاق النار، وحمّل المسؤولية للمجلس المحلي بطرابلس الذي أكد بدوره أن الحادث جاء في وقت يُجري فيه مفاوضات مع المسلحين بهدف خروجهم من المنطقة، وأن هذه المفاوضات قطعت شوطا بعيدا. وجاءت المظاهرة بعد إصدار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) قرارا يقضي بإخلاء طرابلس من المجموعات المسلحة ما عدا الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية. ويتظاهر سكان طرابلس بانتظام تنديدا بوجود تشكيلات مسلحة قدمت من مناطق أخرى وشاركت في تحرير العاصمة من نظام معمر القذافي في أوت 2011، لكنها لم تغادر بعد ذلك. وطالبت السلطات الانتقالية غير مرة هذه الكتائب بالمغادرة، ولكن دون جدوى.