بقلم: ياسر الصالح منكر للواقع من يدعي بأن ما حققته إيران نتيجة اتفاقها مع الدول الست الكبار في جنيف لم يكن ربحا باهرا، وقد ظهر بعض من هؤلاء المنكرين لهذا الواقع في إعلامنا الخليجي، كتابا ومحللين وسياسيين، ولكننا لم نر مثلهم على المستوى العالمي، لا الغربي ولا الإسرائيلي، فالكل تحدث إما عن (نصر) متبادل من دون خاسر أو عن (صفقة القرن) وانتصار إيراني كاسح وخسارة للغرب ولإسرائيل حيث كان هذا هو الخطاب الإعلامي والرسمي السائد في إسرائيل وكان على رأس من روجه هو رئيس الوزراء نتنياهو وطاقم حكومته. والوضع في إيران كان إيجابيا من الاتفاق حيث تطابق الخطاب الرسمي بجميع مستوياته مع الخطاب الإعلامي بجميع أطيافه وتوجهاته السياسية مع الخطاب السياسي الذي عبرت فيه التيارات بمختلف أطيافها وتوجهاتها أيضا ليتفقوا على أن ما حققته إيران يعتبر نصرا وربحا كبيرين... وحدها مختلفة عن السياق العالمي ظهرت بعض الأصوات الخليجية، سياسية وإعلامية، لترفض الاعتراف بهذا الواقع. لا شك بأن هنالك تباينات بين دول الخليج العربية في رؤيتها لمصالحها في ما يخص الجوانب الاقتصادية والأمنية، والجوانب السياسية ومنها العلاقة مع إيران حيث تتنوع العلاقة لتتراوح بين التأزم والصداقة، فلكل دولة رؤية مختلفة لما ينبغي أن تكون عليه علاقتها مع إيران، وقد أثر هذا الاختلاف في بعض الأحيان على العلاقات البينية لهذه الدول. لقد ظهر هذا التباين في الرؤية جليا في نوعية ردود الفعل الخليجية وسرعة ظهورها في تقييم اتفاقية جنيف، فقد سارعت الإمارات والكويت وقطر والبحرين بالترحيب بهذه الاتفاقية وتمت الإشادة بها بدرجات متفاوتة، أما عمان فقد كانت لاعبا وسيطا بين إيران والولايات المتحدة حيث تمت في السلطنة بعض لقاءات الجانبين السرية التي كانت تجري منذ شهر مارس الماضي، وقد قام السلطان قابوس بزيارة لطهران لتجسير بعض القضايا التي كانت عالقة بين الطرفين الإيراني والأميركي، أما ردود فعل المملكة العربية السعودية فقد ظهرت سلبيا من خلال شبكة إعلامها المقروء والفضائي ومن خلال تصريحات بعض المسؤولين فيها. إيران من جانبها حاولت تطمين جوارها ومنه جاراتها في الخليج بأن الاتفاق غير موجه ضدها، حيث سارع وزير الخارجية ظريف إلى نشر مقال في صحيفة الشرق الأوسط ذات الملكية السعودية دعا فيه إلى التعاون والتكامل في المنطقة بل وتم الإعلان عن جولة قريبة سيقوم بها لدول الخليج تصب في هذا الهدف. المنطقة مقبلة على تغيرات مهمة، وطبيعة ونوعية التفاعل مع هذه التغيرات سوف تحدد نتائجها، إيجابا أم سلبا، على دول وشعوب المنطقة فهل ستتشارك دول الخليج على الضفتين في مشروع بناء تكاملي يستفيد منه الجميع وينظر من خلاله لاتفاق جنيف على أنه الفرصة التي يمكن أن تكون نقطة الانطلاق في رسم مستقبل إيجابي واعد للمنطقة يبدل أجواء الحروب والتأزمات والفتن التي سادت لفترة ثلاثة عقود وليبشر بأجواء أكثر صفاء يسودها التعاون والتكامل؟... فهذا (الربح) الإيراني يمكنه أن يكون ربحا للجميع في المنطقة.