ما بين كتابين أحدهما صادر عام 1991 تحت عنوان (27 قصيدة للسياب بخط يده)، والثاني (بدر شاكر السياب مقدمات وصفحات نادرة) صادر هذا العام، تبرز مسافة زمنية كبيرة حاول الكاتب العراقي محمد صالح عبد الرضا أن يبحث على امتدادها في عالم شاعر الجنوب، وأوصله بحثه إلى أن ما نشر للسياب قليل إزاء ما بقي حبيس الدفاتر القديمة عند أصدقائه وعائلته. ويتألف كتاب (بدر شاكر السياب مقدمات وصفحات نادرة) -الصادر عن دار تموز للصحافة والنشر والتوزيع في دمشق- من 167 صفحة، وقدم له الشاعر والمحقق شاكر العاشور، الذي أشار إلى القيمة التاريخية للكتاب التي تضيء جوانب من تجربة شاعر كبير انطلقت رؤاه النقدية، التي أسقطها على شعراء عصره ومثقفيه وعلى كتاباته غير الشعرية، ضمن ما وثّقه الكاتب من سرديات السياب الذي لا يعرف عنها كثيرون. ويقول عبد الرضا إن كتابه الأخير يأتي ردا على اعتقاد يساور الكثير من الأدباء والمثقفين من أن السياب استهلك بحثا ولا جديد له أو عنه، مضيفا أنه استطاع في كتابه أن يقدم حوارات ليس من السهولة أن يحصل عليها قارئ أو باحث، وست قصائد نادرة لم يحوها ديوان مع مقاربات تأملية فيها. وقُسِّم الكتاب إلى أربعة محاور هي (مقدمات انطباعية) و(السياب وقضايا الشعر) و(السياب والكتابة القصصية) و(قصائد لم يحوها ديوان). وترد في الكتاب الكتابات السردية للسياب منها القصة، ومقالات عن المسرح والفن التشكيلي والدراسة الأدبية في مجال نقد القصص وتجارب الشعراء. وقد كتب السياب مقالة عن مجموعة القاص مهدي عيسى الصقر (مجرمون طيبون) في جريدة الشعب بالعدد الأسبوعي الصادر يوم 29 جوان 1957، وكذلك مقالة بعنوان (الرصافي الشاعر الذي لم يلفق الأحلام) في جريدة الثبات البغدادية في الذكرى السابعة لرحيل الرصافي يوم 17 مارس 1952، والتي كان يرأس تحريرها الشاعر محمد مهدي الجواهري، وفي عام 1958 وعلى صفحات ملحق من ملاحق جريدة الجمهورية كتب السياب مقالة بعنوان (جواد سليم الذي يخبرنا الأشياء). ويشير كتاب (بدر شاكر السياب مقدمات وصفحات نادرة) إلى أن السياب نشر ما بين عامي 1941 و1958 ست قصص، وهي محاولات حملت الجانب الآخر من نتاج الشاعر الذي عُرِف بكتابته الشعرية، ومن بين القصص الست نجد واحدة حملت عنوان (فاجعة في الصحراء) نشرت بجريدة الاتحاد يوم 29 سبتمبر 1941، وأخرى بعنوان (أربع بنات مدرسة) نشرتها جريدة الشعب يوم 26 أوت 1955، إضافة إلى (كاسي حلاق القرية) و(شجاعة في يوم قائظ) و(خالقو يذهب إلى المدرسة) وقصة (عبد الماء في شط العرب) التي نشرت بجريدة الشعب يوم 12 جويلية 1958. أما في محور (قصائد لم يحوها ديوان) فيتحدث محمد صالح عبد الرضا عن ست قصائد وهي (نبوءة حزينة)، وقد حصل عليها الكاتب في عام 1978 من نجل الشاعر غيلان بدر شاكر السياب، والذي وجدها في دفتر قديم يعود لوالده حينما كان تلميذا في دار المعلمين العالية وتقترب من روح قصائده في مجموعته الشعرية (أزهار ذابلة). كما تبرز قصيدة (أغنية إنسان متحضر) التي كانت ضمن دفتر للسياب وبرفقتها قصائد له منشورة في مجموعته (شناشيل ابنة الجلبي). ويكشف الكتاب عن قصيدة رومانسية عنونها السياب ب(غدا يحضنك الفجر) وشارك في نظمها الشاعر صالح فاضل المحامي عام 1942، وقد أهدياها إلى صديقيهما الشاعر محمد علي إسماعيل في الفترة التي كان السياب خلالها دون العشرين، وطغت على القصيدة مؤثرات الموشحات الأندلسية في التركيب والمعنى، فضلا عن قصيدتين كتبهما السياب بخط يده دون أن يضع لها عنوانا.