عادة ما تكون ميزة العلاقة التي تربط التلميذ بالأستاذ حربا معلنة بين الطرفين إلا من رحم ربك، مما أدى إلى إفراز ظواهر سلبية على مستوى المتوسطات والثانويات وحتى الابتدائيات التي لم تسلم من تلك الظواهر على الرغم من صغر المتمدرسين في ذلك الطور، بحيث تلاحق المعلم أو المعلمة نعوتا غريبة يطلقها عليهم التلاميذ تبعا للعلاقة المتدهورة بين المعلم وبعض التلاميذ فيكون الجزاء نعته باقبح الصفات قد تكون مقتبسة من شكله الخارجي أو هيأته أو شخصيته أو طريقة مشيه ...فالمهم هو إلصاق النعت في الأستاذ ويجمع كل التلاميذ على نعته بذلك النعت ويتناسون لقبه الأصلي بعد أن احتل النعت القبيح مكانه. فبعد قلة الاحترام والتعنيف وحتى محاولة الضرب أصبح المعلم محل استهزاء وسخرية من طرف بعض أشباه التلاميذ ولا نقول تلاميذ، فالتلميذ المحترم لا تسول له نفسه إتيان مثل تلك الأفعال المنحطة والدنيئة، ذلك ما بات يتكبده المعلمون من تلامذتهم تلك العلاقة التي لم تكن كذلك بالأمس القريب وراحت تتدهور مع تعاقب الأجيال وما ميزها حاليا هو قلة الاحترام وانعكست الآية وأصبح الأستاذ هو من يتفادى التلاميذ بل ويخافهم ولا يتزايد معهم في الكلام خوفا من عواقب ذلك، بالنظر إلى الطيش والتهور المعلن من طرف بعض التلاميذ لاسيما على مستوى المتوسطات التي بات كل شيء مباح على مستواها ولا مكان فيها لاحترام وتقدير المعلمين من طرف التلاميذ. وأضحى جل المعلمين يشتكون من أصناف هؤلاء التلاميذ الذين من الأجدر أن يكون مكانهم الطبيعي على مستوى الشوارع وليس بالصروح العلمية بفعل ما يطلقونه من أفعال وتصرفات غير مسؤولة باتجاه أقرانهم وحتى المعلمين بدليل إلصاقهم لتلك النعوت الغريبة بمعلميهم التي لا تتوافق مع هيبة المعلم ووقاره، والعجيب في الأمر أنها تكون محل سخرية من طرف اغلب التلاميذ وغالب ما تقتبس من الشكل الخارجي للمعلم أو هيأته أو طريقة مشيه أو حتى مزاجه، فتلك الميزات التي تختلف من شخص لأخر ينتهزها التلاميذ من اجل إطلاق تصرفاتهم اللامسؤولة وتكون أيضا تلك النعوت أحيانا مقتبسة من شخصيات تلفزيونية كوميدية وغيرها. ويعلل القائمون بذلك تصرفاتهم في العلاقة غير السوية التي ينتهجها المعلم معهم والتي تكون عنيفة وعدوانية مما دفعهم إلى كرهه وحتى كره المادة التي يدرسها ومن ثمة نعته بذلك النعت جزاءا لتصرفاته مع اغلب التلاميذ. ذلك ما وقفنا عليه مؤخرا بداخل حافلة بحيث راحت تلميذة بنعت معلمتها باقبح الصفات المستوحاة من شكلها الخارجي بعد أن ضاعفت لهم الواجبات المنزلية حسب ما دار من حديث مع صديقتها وكأن المصلحة في فرض الواجبات هي للمعلمة في ذلك، وليست في صالحهم لفهم الدروس واستيعابها تبعا لطبيعة المقررات الدراسية، ومن ثمة استنتجنا أن جزاء المعلم من أداء واجباته نحو التلاميذ على أكمل وجه هو السب والشتم من طرفهم فكان جزاؤه شبيها بجزاء سنمار. ذلك ما أكدته لنا إحدى المعلمات التي قالت أن تلك الظاهرة والسلوكات هي شائعة بأغلب المؤسسات التربوية التي شاع فيها طيش بعض التلاميذ وسلوكاتهم المشينة، ويكون ذلك هو جزاء المعلم الذي يطمح إلى فرض النظام على مستوى القسم، فبعض التلاميذ يفرضون على المعلمين تشديد اللهجة معهم وإلا تضاعف تهاونهم وإهمالهم لواجباتهم المدرسية، وبعد لهث المعلم وراء مصالحهم يكون جزائه السب والشتم ونعته باقبح الصفات التي من شانه أن يشتهر بها على مستوى كامل المؤسسة التربوية في اغلب الأحيان دون علمه، وبذلك يكون محل سخرية واستهزاء من طرف التلاميذ وسبب ذلك هو تأدية واجبه على نحو ملزم. وحتى لو تمادى بعض المعلمين في تصرفاتهم مع التلاميذ بسبب الضغط والمسؤولية الملقاة على عاتقهم لا يصل الأمر إلى التعامل معهم بتلك الطريقة من طرف تلامذتهم الذين هم في مقام أبنائهم، وان دل ذلك على شيء فإنما يدل على تدهور أوضاع المدرسة الجزائرية التي تزيد أحوالها سوء على سوء سنة بعد أخرى من مختلف الجوانب وليس من جانب واحد والمتعلق بفقدان احترام المعلمين.